وَهُوَ عبارَة عَن تهديد الْقَادِر غَيره على مَا هدده بمكروه على أَمر بِحَيْثُ يَنْتَفِي بِهِ الرِّضَا
وَفِي المنبع الْإِكْرَاه نَوْعَانِ نوع يرجع إِلَى الْمُكْره وَنَوع يرجع إِلَى الْمُكْره أما الَّذِي يرجع إِلَى الْمُكْره فَهُوَ أَن يكون الْمُكْره قَادِرًا على تَحْقِيق مَا هدد بِهِ لِأَن الضَّرُورَة لَا تتَحَقَّق إِلَّا عِنْد الْقُدْرَة على الايقاع فَإِنَّهُ إِذا لم يكن قَادِرًا على الْإِكْرَاه يكون هذيانا وَفِي هَذَا الْمَعْنى لَا فرق بَين السُّلْطَان وَغَيره هَذَا على مَذْهَبهمَا ظَاهر لتحَقّق الْإِكْرَاه من السُّلْطَان وَغَيره وَأما على مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فقد قيل إِنَّه لَا يتَحَقَّق الْإِكْرَاه الا من السُّلْطَان أَي من السُّلْطَان الْأَعْظَم لِأَن الْقُدْرَة لَا تتَحَقَّق الا من السُّلْطَان وَقيل انه يتَحَقَّق مِمَّن يملك الْحُدُود وَالصَّحِيح أَن الِاخْتِلَاف فِي ذَلِك اخْتِلَاف عصر وزمان لَا حجَّة وبرهان لِأَن زمَان أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لم يكن لغير السُّلْطَان من الْقُوَّة مَا يتَحَقَّق بِهِ الْإِكْرَاه فَأفْتى على حسب مَا عاين وَفِي زمانهما ظهر الْفساد وَصَارَ الْأَمر إِلَى كل متغلب فتحقق الْإِكْرَاه من الْكل
وَفِي البزازي نفس الْأَمر من السُّلْطَان بِلَا تهديد إِكْرَاه لِأَنَّهُ لَو لم يمتثل يُعَاقِبهُ وَقَالا إِن كَانَ الْمَأْمُور يعلم أَنه لَو لم يفعل مَا قَالَه السُّلْطَان يُعَاقِبهُ كَانَ أمره لَهُ بِالْفِعْلِ إِكْرَاها
وَفِي الْهِدَايَة وَإِذا أكره على بيع مَاله أَو شِرَاء سلْعَة أَو على أَن يقر لرجل بِأَلف أَو يُؤجر دَاره فأكره على ذَلِك بِالْقَتْلِ أَو بِالضَّرْبِ الشَّديد أَو بِالْحَبْسِ فَبَاعَ أَو اشْترى فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أمضى البيع وَإِن شَاءَ فَسخه وَرجع بِالْمَبِيعِ لِأَن من شَرط صِحَة هَذِه الْعُقُود التَّرَاضِي قَالَ الله تَعَالَى {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} وَالْإِكْرَاه بِهَذِهِ الْأَشْيَاء بِعَدَمِ الرِّضَا فتفسد بِخِلَاف من إِذا أكره بِضَرْب سَوط أَو حبس يَوْم أَو قيد يَوْم لِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بهَا بِالنّظرِ إِلَى الْعَادة فَلَا يتَحَقَّق بِهِ الاكراه الا إِذا كَانَ رجلا صَاحب منصب يعلم أَنه يتَضَرَّر بِهِ فَإِنَّهُ يفوت الرِّضَا
وَفِي الْوَلْوَالجيّ إِذا كَانَ الرجل من الْأَشْرَاف أَو من الأجلاء أَو من كبراء الْعلمَاء أَو الرؤساء بِحَيْثُ يستنكف عَن ضرب سَوط أَو حبس سَاعَة لم يجز إِقْرَاره لِأَن مثل هَذَا الرجل يُؤثر ألف دِرْهَم