للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على مَا يلْحقهُ من الهوان بِهَذَا الْقدر من الْحَبْس والقيد فَكَانَ مكْرها وَكَذَا الْإِقْرَار حجَّة لترجح جَانب الصدْق فِيهِ على جَانب الْكَذِب وَعند الْإِكْرَاه يحْتَمل أَنه يكذب لدفع الْمضرَّة

وَفِي الذَّخِيرَة وَلَو هدد بِضَرْب سَوط أَو سوطين فَهُوَ لَا يعْتَبر إِلَّا أَن يَقُول لأضربنك على عَيْنَيْك أَو على المذاكير

وَفِي الْبَدَائِع الْإِكْرَاه يمْنَع صِحَة الْإِقْرَار سَوَاء كَانَ الْمقر بِهِ مِمَّا يحْتَمل الْفَسْخ أَو لَا يحْتَمل وَسَوَاء كَانَ مِمَّا يسْقط بِالشُّبُهَاتِ كالحدود وَالْقصاص أَو لَا وَلَو أكره على الْإِقْرَار بذلك ثمَّ خلى سَبيله فَهَذَا على وَجْهَيْن إِمَّا أَن يتَوَارَى عَن بصر الْمُكْره حينما خلى سَبيله وَإِمَّا أَن لَا يتَوَارَى عَن بَصَره حَتَّى بعث من أَخذه ورده إِلَيْهِ فَإِن كَانَ قد توارى عَن بَصَره ثمَّ أَخذه فَأقر إِقْرَارا مستأنفا جَازَ إِقْرَاره لِأَنَّهُ لما خلى سَبيله حَتَّى توارى عَن بَصَره فقد زَالَ الْإِكْرَاه عَنهُ فَإِذا أقرّ بِهِ من غير إِكْرَاه جَدِيد فقد أقرّ طَائِعا فصح وَإِن كَانَ لم يتوار عَن بَصَره بعد حَتَّى رده إِلَيْهِ فَأقر بِهِ من غير تَجْدِيد الْإِكْرَاه لم يَصح لِأَنَّهُ لما لم يتوار عَن بَصَره فَهُوَ على الْإِكْرَاه الأول

وَلَو أكرهه على الْإِقْرَار بِالْقصاصِ فَأقر بِهِ فَقتله حَيْثُمَا أقرّ بِهِ من غير بَيِّنَة فَإِن كَانَ الْمقر مَعْرُوفا بالدعارة يدْرَأ عَنهُ الْقصاص اسْتِحْسَانًا وَإِن لم يكن مَعْرُوفا بهَا يجب الْقصاص وَالْقِيَاس أَن يجب الْقصاص على الْمُكْره كَيْفَمَا كَانَ لِأَن الْإِقْرَار بِالْإِكْرَاهِ لما لم يَصح شرعا كَانَ وجوده وَعَدَمه بِمَنْزِلَة وَاحِدَة ح فَصَارَ كَمَا لَو قَتله ابْتِدَاء

وَنَظِيره مَا إِذا دخل رجل على آخر فِي منزله فخاف صَاحب الْمنزل أَنه داعر دخل عَلَيْهِ ليَقْتُلهُ وَيَأْخُذ مَاله فبادر وَقَتله فَإِن كَانَ الدَّاخِل مَعْرُوفا بالدعارة لَا يجب الْقصاص على صَاحب الْمنزل وَإِن لم يكن مَعْرُوفا بالدعارة يجب الْقصاص على صَاحب الْمنزل كَذَا هَذَا وَإِذا لم يجب الْقصاص يجب الْأَرْش لِأَن سُقُوط الْقصاص للشُّبْهَة وَإِنَّهَا لَا تمنع وجوب المَال وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يجب الْأَرْش أَيْضا إِذا كَانَ مَعْرُوفا بالدعارة انْتهى كَلَام الْبَدَائِع

وَفِي البزازي وَلَو أكره على شرب الْخمر بإكراه يخَاف مِنْهُ التّلف أَو تلف عُضْو أَو قَالَ لأحبسنك أَو لأضربنك بالسياط يحل لَهُ شربه وَلَو امْتنع يَأْثَم

أكره على الْهِبَة فوهب وَسلم طَائِعا لَا يكون ملكا للْمَوْهُوب لَهُ وَالْإِكْرَاه على الْهِبَة إِكْرَاه على التَّسْلِيم بِخِلَاف البيع فَإِن الْإِكْرَاه على البيع لَا يكون إِكْرَاها على التَّسْلِيم

أكره على البيع بِأَلف فَبَاعَهُ بِأَقَلّ لَا يجوز فِي الِاسْتِحْسَان

أكره على البيع فوهب جَازَ

أكره على البيع وَلم يسم المُشْتَرِي فَبَاعَهُ من إِنْسَان لَا يجوز

طالبوه بِمَال بَاطِل وأكره على أَدَائِهِ فَبَاعَ جَارِيَته بِلَا إِكْرَاه على البيع جَازَ البيع لِأَنَّهُ غير مُتَعَيّن لأدائه وَهَذَا عَادَة الظلمَة إِذا صادروا رجلا أَن يتحكموا بِالْمَالِ وَلَا يذكرُوا بيع شَيْء من مَاله وَالْحِيلَة لَهُ فِيهِ أَن يَقُول من أَيْن أعطي وَلَا مَال لي فَإِذا قَالَ الظَّالِم لَهُ بِعْ جاريتك فقد صَار مكْرها على بيع الْجَارِيَة فَلَا ينْعَقد بيعهَا

أكره على الْإِبْرَاء عَن الْحُقُوق أَو الْكفَالَة بِالنَّفسِ أَو تَسْلِيم الشُّفْعَة أَو ترك طلبَهَا كَانَ بَاطِلا

<<  <   >  >>