للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندنَا وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يَصح فِي أحد قوليه وَأما إِقْرَاره بِاسْتِيفَاء دين الصِّحَّة أَو دين الْمَرَض فَإِن أقرّ بِاسْتِيفَاء دين وَجب لَهُ فِي حَال الصِّحَّة يَصح وَيصدق فِي إِقْرَاره حَتَّى يبرأ الْغَرِيم عَن الدّين أَي دين كَانَ وَإِن أقرّ الْمَرِيض بِاسْتِيفَاء دين وَجب لَهُ فِي حَال الْمَرَض فَإِن وَجب لَهُ بَدَلا عَمَّا هُوَ مَال لم يَصح إِقْرَاره وَلَا يصدق فِي حق غُرَمَاء الصِّحَّة وَيجْعَل ذَلِك تَبَرعا مِنْهُ بِالدّينِ لِأَنَّهُ لما مرض فقد تعلق حق الْغُرَمَاء بِالْبَدَلِ وَكَذَا لَو أتلف رجل على الْمَرِيض شَيْئا فِي مَرضه فَأقر الْمَرِيض بِقَبض الْقيمَة مِنْهُ لم يصدق على ذَلِك إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين الصِّحَّة لما ذكرنَا وَإِن وَجب لَهُ بَدَلا عَمَّا لَيْسَ بِمَال يَصح إِقْرَاره لِأَن بِالْمرضِ لَا يتَعَلَّق حق غُرَمَاء الصِّحَّة بِالْبَدَلِ لِأَنَّهُ لَا يحْتَمل التَّعْلِيق لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال فَلَا يتَعَلَّق بالمبدل وَأما إِقْرَار الْمَرِيض بِالْإِبْرَاءِ بِأَن أقرّ أَنه كَانَ أَبْرَأ فلَانا من الدّين الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي صِحَّته لَا يجوز لِأَنَّهُ أقرّ بِقَبض الدّين وَأَنه لَا يملك إنْشَاء الْإِبْرَاء للْحَال فَلَا يملك الْإِقْرَار بِهِ بِخِلَاف الْإِقْرَار بِاسْتِيفَاء الدّين لِأَنَّهُ أقرّ بِقَبض الدّين وَأَنه يملك إنْشَاء الْقَبْض فَيملك الْإِخْبَار عَنهُ بِالْقَبْضِ انْتهى كَلَام الْبَدَائِع

مَرِيض أقرّ بِمَال لأجنبية ثمَّ تزَوجهَا بعد الْإِقْرَار لم يبطل الْإِقْرَار عندنَا وَقَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى يبطل لِأَنَّهُ طَرَأَ على الْإِقْرَار مَا ابطله

مَرِيض مرض مرض الْمَوْت أقرّ بِأَلف دِرْهَم بِعَينهَا أَنَّهَا لقطَة عِنْده وَلَا مَال لَهُ غَيرهَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن تصدقه الْوَرَثَة أَو تكذبه فَإِن صدقته الْوَرَثَة تصدقوا بهَا اتِّفَاقًا وَإِن كذبوه فَهُوَ مَحل الْخلاف فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يتصدقون بثلثها بعد مَوته وَالْبَاقِي مِيرَاث لَهُم وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِذا كذبوه فِي ذَلِك كَانَت كلهَا مِيرَاثا لَهُم

وَفِي حيل الْخصاف امْرَأَة قَالَت فِي الْمَرَض لم يكن لي على زَوجي مهر أَو قَالَ فِي الْمَرَض لم يكن لي على فلَان شَيْء يبرأ عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ وَفِي الذَّخِيرَة قَوْلهَا فِي الْمَرَض لَا مهر لي عَلَيْهِ أَو لَا شَيْء لي عَلَيْهِ أَو لم يكن لي عَلَيْهِ مهر قيل لَا يَصح وَقيل يَصح وَالصَّحِيح أَنه لَا يَصح

وَفِي الْقنية لَو قَالَ الْمَجْرُوح لم يجرحني فلَان ثمَّ مَاتَ لَيْسَ لوَرَثَة الْمَجْرُوح أَن يدعوا على الْجَارِح بِهَذَا السَّبَب قَالَ برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط وَهَذِه الْمَسْأَلَة على التَّفْصِيل إِن كَانَ الْجرْح مَعْرُوفا عِنْد القَاضِي أَو النَّاس لم يقبل إِقْرَار الْمَرِيض

مَرِيض قَالَ فِي حَال مَرضه لَيْسَ لي فِي الدُّنْيَا شَيْء ثمَّ مَاتَ فلبعض الْوَرَثَة أَن يحلفوا زَوْجَة الْمُتَوفَّى وَابْنَته على أَنَّهُمَا لَا يعلمَانِ شَيْئا من تَرِكَة الْمُتَوفَّى انْتهى

الْفَصْل السَّابِع فِي الْوَدِيعَة

الْوَدِيعَة أَمَانَة تركت للْحِفْظ فَلَا يضمنهَا الْمُودع إِن هَلَكت بِلَا تعد مِنْهُ فيحفظها بِنَفسِهِ وبمن فِي عِيَاله كزوجته ووالده ووالدته وَعَبده وَأمته وأجيره الْخَاص الَّذِي اسْتَأْجرهُ مشاهرة أَو مسانهة وَكسوته وَطَعَامه على الْمُسْتَأْجر وَيجوز للْمُودع أَن يُسَافر بالوديعة قربت الْمسَافَة أَو بَعدت وَإِن كَانَت الْوَدِيعَة مِمَّا لَهُ حمل وَمؤنَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حَتَّى لَو هَلَكت لم تضمن عِنْده

وَفِي الجلالية يجوز لَهُ السّفر وَإِن كَانَ لَهَا حمل وَمؤنَة عِنْده إِلَّا فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ أَن تكون

<<  <   >  >>