للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمرَاد من قَوْله يجب أجر مثل الأَرْض وَالْبَقر يَعْنِي يجب أجر مثل الأَرْض مكروبة أما الْبَقر فَلَا يجوز أَن يسْتَحق بِعقد الْمُزَارعَة وَأجر الْمثل يجب بَالغا مَا بلغ عِنْد مُحَمَّد وَعند أبي يُوسُف لَا يُزَاد على الْمَشْرُوط والمزارعة جَائِزَة على قَوْلهمَا وَالْفَتْوَى على قَوْلهمَا ثمَّ إِن أَبَا حنيفَة إِنَّمَا فرع الْمسَائِل على قَول من جوز الْمُزَارعَة لعلمه أَن النَّاس لَا يَأْخُذُونَ بقوله

ثمَّ للزِّرَاعَة شَرَائِط وركن وَحكم وَصفَة أما ركنها فالإيجاب وَالْقَبُول وَأما شرائطها فَمن جملَة ذَلِك كَون الأَرْض صَالِحَة للزِّرَاعَة وَكَون رب الأَرْض وَالْعَامِل من أهل العقد وَبَيَان الْمدَّة سنة أَو سنتَيْن شَرط فِي الزِّرَاعَة وَفِي الْمُعَامَلَة تجوز من غير بَيَان الْمدَّة اسْتِحْسَانًا وَتَقَع على أول ثَمَرَة تخرج فِي تِلْكَ السّنة

وَفِي النَّوَازِل عَن مُحَمَّد بن سَلمَة الْمُزَارعَة من غير بَيَان الْمدَّة جَائِزَة أَيْضا وَتَقَع على سنة وَاحِدَة يَعْنِي على زرع وَاحِد وَبِه أَخذ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث وَقَالَ إِنَّمَا شَرط أهل الْكُوفَة بَيَان الْوَقْت لِأَن وَقت الْمُزَارعَة عِنْدهم متفاوت وابتداؤها وانتهاؤها مَجْهُول وَوقت الْمُعَامَلَة مَعْلُوم فأجازوا الْمُعَامَلَة وَتَقَع على أول سنة وَلم يجيزوا الْمُزَارعَة أما فِي بِلَادنَا فوقت الْمُزَارعَة مَعْلُوم فَيجوز وَإِن لم يُوَقت كالمعاملة وَلَو دفع أرضه مُزَارعَة خَمْسمِائَة سنة فَهِيَ فَاسِدَة

وَمن شرائطها التَّخْلِيَة حَتَّى لَو شَرط فِي العقد مَا يتَعَذَّر بِهِ التَّخْلِيَة مثل عمل رب الأَرْض تفْسد الْمُزَارعَة وَمن شرائطها بَيَان مَا يزرع فِي الأَرْض قِيَاسا وَفِي الِاسْتِحْسَان لَيْسَ بِشَرْط وَمن شرائطها بَيَان من عَلَيْهِ الْبذر وَعَن بعض أَئِمَّة بَلخ إِن كَانَ بَينهم عرف ظَاهر أَن الْبذر يكون على أَحدهمَا بِعَيْنِه لَا يشْتَرط بَيَان من عَلَيْهِ الْبذر وَمن شرائطها بَيَان النَّصِيب على وَجه لَا يقطع الشّركَة بَينهمَا فِي الْخَارِج بِأَن يَقُول بِالنِّصْفِ أَو الثُّلُث أَو الرّبع أَو مَا أشبه ذَلِك فَإِن بَينا نصيب أَحدهمَا ينظر فَإِن بَينا نصيب من لَا بذر من جِهَته جَازَت الْمُزَارعَة قِيَاسا واستحسانا وَإِن بَينا نصيب من كَانَ الْبذر من جِهَته جَازَت الْمُزَارعَة اسْتِحْسَانًا وَمن الشَّرَائِط فِي الْمُعَامَلَة أَن يكون العقد وَاقعا على مَا هُوَ فِي حد النمو بِحَيْثُ يزِيد فِي نَفسه بِسَبَب عمل الْعَامِل حَتَّى لَو عقدا عقد الْمُعَامَلَة على مَا يتناهى عظمه وَصَارَ بِحَال لَا يزِيد فِي نَفسه بِسَبَب عمل الْعَامِل لَا تصح الْمُعَامَلَة وَأما بَيَان حكمهَا فَنَقُول حكمهَا ثُبُوت الْملك فِي مَنْفَعَة الأَرْض إِذا كَانَ الْبذر من جِهَة الْمزَارِع وَالشَّرِكَة فِي الْخَارِج

وَأما بَيَان صفة الْمُعَامَلَة والمزارعة فَنَقُول الْمُعَامَلَة لَازِمَة من الْجَانِبَيْنِ وَلَو أَرَادَ أَحدهمَا السّفر لَيْسَ لَهُ الْفَسْخ إِلَّا بِعُذْر والمزارعة لَازِمَة من قبل من لَا بذر مِنْهُ حَتَّى لَا يملك الْفَسْخ إِلَّا بِعُذْر لَكِن غير لَازِمَة من قبل من لَهُ الْبذر قبل إِلْقَاء الْبذر فِي الأَرْض حَتَّى يملك الْفَسْخ من غير عذر لِأَن فِيهِ إِتْلَاف مَاله وَهُوَ الْبذر والانسان لَا يجْبر على إِتْلَاف مَاله بِخِلَاف الْمُعَامَلَة فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْوَفَاء بِمَا يُؤَدِّي الى تلف المَال على أَحدهمَا فَيلْزمهُ الْمُضِيّ فِيهَا الا بِعُذْر والعذر أَن يمرض الْعَامِل أَو يلْحق صَاحب النّخل دين فيضطر الى بَيْعه لِأَن فِيهِ ضَرَرا ظَاهرا أما ترك السّفر فَلَيْسَ فِيهِ ضَرَر ظَاهر فَافْتَرقَا وَبعد مَا يلقى الْبذر فِي الأَرْض تصير لَازِمَة من الْجَانِبَيْنِ

قَالَ فِي شرح الشافي بعد هَذَا الْمُزَارعَة على سَبْعَة أوجه أَحدهَا أَن تكون الأَرْض من أَحدهمَا وَالْبَقر وَالْعَمَل وَالْبذْر من الآخر وَهَذَا الْعَمَل جَائِز وَصَاحب الْبذر مُسْتَأْجر للْأَرْض الثَّانِي أَن يكون

<<  <   >  >>