للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَذكر صَاحب المغنى من الْحَنَابِلَة عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِن الْعَدَاوَة لَا تمنع الشَّهَادَة مُطلقًا وَذكر صَاحب الْقنية من أَصْحَابنَا فِي بَاب من تقبل شَهَادَته وَمن لَا تقبل مَا يُؤَيّد ذَلِك

تَنْبِيه قد يتَوَهَّم بعض المتفقهة وَالشُّهُود أَن كل من خَاصم شخصا فِي حق أَو ادّعى عَلَيْهِ حَقًا أَنه يصير عدوه فَيشْهد بَينهمَا بالعداوة وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْعَدَاوَة تثبت بِنَحْوِ مَا ذكرت نعم لَو خَاصم الشَّخْص آخر فِي حق لَا تقبل شَهَادَته عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْحق كَالْوَكِيلِ لَا تقبل شَهَادَته فِيمَا هُوَ وَكيل فِيهِ وَالْوَصِيّ لَا تقبل شَهَادَته فِيمَا هُوَ وَصِيّ فِيهِ وَالشَّرِيك لَا تقبل شَهَادَته فِيمَا هُوَ شريك فِيهِ وَنَحْو ذَلِك لَا أَنه إِذا تخاصم اثْنَان فِي حق لَا تقبل شَهَادَة أَحدهمَا على الآخر لما بَينهمَا من الْمُخَاصمَة

فرع إِذا قُلْنَا إِنَّه لَا تجوز شَهَادَة الْعَدو على عدوه إِذا كَانَت الْعَدَاوَة دنيوية هَل الحكم فِي القَاضِي كَذَلِك حَتَّى لَا يجوز قَضَاء القَاضِي على من بَينه وَبَينه عَدَاوَة دنيوية لم اقف على هَذَا الْفَرْع فِي كتب أَصْحَابنَا وَيَنْبَغِي أَن يكون الْجَواب فِيهِ على التَّفْصِيل إِن كَانَ قَضَاؤُهُ عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ فَيَنْبَغِي أَن لَا ينفذ وَإِن كَانَ بِشَهَادَة الْعُدُول وبمحضر من النَّاس فِي مجْلِس الحكم بِطَلَب خصم شَرْعِي ودعواه فَيَنْبَغِي أَن يجوز وَرَأَيْت فِي الرَّافِعِيّ من كتب الشَّافِعِيَّة عَن القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ أَنه يجوز قَضَاء الْعَدو على عدوه بِخِلَاف شَهَادَة الْعَدو على عدوه وَفرق بَينهمَا بِأَن قَالَ لِأَن أَسبَاب الحكم ظَاهِرَة واسباب الشَّهَادَة خافية اه مَا نقلته من شرح الْمَنْظُومَة

وَفِي الْوِقَايَة وَلَا تقبل شَهَادَة مخنث يفعل الرَّدِيء ونائحة ومغنية ومدمن الشّرْب على اللَّهْو وَمن يلْعَب بالطيور أَو الطنبور أَو يُغني للنَّاس أَو يرتكب مَا يحد بِهِ أَو يدْخل الْحمام بِلَا إِزَار أَو يَأْكُل الرِّبَا أَو يقامر بالنرد أَو الشطرنج أَو تفوته الصَّلَاة بهما أَو يَبُول على الطَّرِيق أَو يَأْكُل فِيهِ أَو يظْهر سبّ السّلف

وَفِي الذَّخِيرَة وَلم يرد بالنائحة الَّتِي تنوح فِي مصيبتها وَإِنَّمَا اراد الَّتِي تنوح فِي مُصِيبَة غَيرهَا اتَّخذت ذَلِك مكسبة

وَفِي الْبَدَائِع وَأما من يضْرب شَيْئا من الملاهي فَإِنَّهُ ينظر إِن لم يكن مستبشعا كالقصب والدف وَنَحْوهمَا لَا بَأْس بِهِ وَلَا تسْقط عَدَالَته وَإِن كَانَ مستبشعا كالعود وَنَحْوه سَقَطت عَدَالَته لِأَنَّهُ لَا يحل بِوَجْه من الْوُجُوه قَوْله وَمد من الشّرْب المُرَاد بِهِ الادمان فِي النِّيَّة يَعْنِي يشرب وَمن نِيَّته أَن يشرب بعد ذَلِك إِذا وجده

وَأما اللاعب بالطيور فَإِنَّهُ ينظر إِلَى العورات فِي السَّطْح وَغَيره وَذَا فسق هَذَا إِذا كَانَ يطيرها أما إِذا كَانَ يمسك الْحمام فِي بَيته ويستأنس بهَا وَلَا يطيرها فَهُوَ عدل لِأَن اقتناء الْحمام فِي الْبيُوت مُبَاح أَلا ترى أَن النَّاس يتخذون بروج الْحمام وَلم يمْنَع من ذَلِك أحد وَبِهَذَا تبين أَنه إِذا اتخذ الْحمام لحمل الْكتب كَمَا فِي الديار المصرية والشامية لَا يكون حَرَامًا لوُقُوع الْحَاجة إِلَيْهَا وَأما من ارْتكب كَبِيرَة فَإِنَّهُ ترد شَهَادَته

وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي مَاهِيَّة الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة قَالَ بَعضهم مَا فِيهِ حد فِي كتاب الله تَعَالَى فَهُوَ كَبِيرَة وَمَا لَا حد فِيهِ فَهُوَ صَغِيرَة قيل وَهَذَا لَيْسَ بسديد فَإِن شرب الْخمر وَأكل الرِّبَا من الْكَبَائِر وَلَا حد فيهمَا فِي كتاب الله تَعَالَى وَقَالَ بَعضهم مَا أوجب الْحَد فَهُوَ كَبِيرَة وَمَا لَا حد فَهُوَ صَغِيرَة وَهَذَا أَيْضا يبطل بِأَكْل الرِّبَا وَغَيره لِأَنَّهُ لَا حد فِيهِ مَعَ أَنَّهَا كَبِيرَة وَقَالَ بَعضهم مَا كَانَ حَرَامًا لعَينه فَهُوَ كَبِيرَة وَقيل هِيَ السَّبع الَّتِي ذكرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الْمَعْرُوف سبع من الْكَبَائِر لَا كَفَّارَة فِيهِنَّ الاشراك بِاللَّه والفرار من الزَّحْف وعقوق الْوَالِدين وَقتل النَّفس بِغَيْر حق وبهت الْمُؤمن والزنى وَشرب

<<  <   >  >>