مَكْسَبِهِ خِيفَ عَلَيْهِ أَلا تُقْبَلَ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ وَحَجُّهُ وَجِهَادُهُ وَجَمِيعُ عَمَلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: الَّذِي إِذَا أَمْسَى يَسْأَلُ مِنْ أَيْنَ قُرْصَاهُ، قُلْتُ: لَوْ عَلِمَ النَّاسُ لَتَكَلَّفُوهُ، فَقَالَ: عَلِمُوهُ وَلَكِنَّهُمْ غَشِمُوا الْمَعِيشَةَ يَعْنِي تَعَسَّفُوا تَعَسُّفاً، وَقَالَ عُمَرُ: الدِّينُ الْوَرَعُ فِي دِينِ اللَّهِ وَالْكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَالْعَمَلُ بِحَلالِ اللَّهِ وَحَرَامِهِ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: " مَنْ بَاتَ وَانِياً مِنْ مَكْسَبٍ حَلالٍ بَاتَ مَغْفُوراً لَهُ ".
وَالذِّكْرُ بِاللِّسَانِ حَسَنٌ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ أَدَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْحَرَامِ سُتْرَةً مِنَ الْحَلالِ وَلا آخُذُ مِنْهَا، فَعَلَيْكُمُ النَّظَرَ فِي طَيِّبِ مَكَاسِبِكُمْ وَالاجْتِهَادِ لأَنْفُسِكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَيْهَا عَلَى الْغِشِّ فَإِنَّكُمْ تُفْضُونَ بِأَعْمَالِكُمْ إِلَى مَنْ لا تَخْفَى عَلَيْهِ ضَمَائِرُكُمْ، فَقَدْ بَانَ أَنَّ رَأْسَ دِينِكُمُ الْوَرَعُ، وَمَلاكَ أَمْرِكُمْ طَيِّبُ الْمَكْسَبِ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: "يَا كَعْبُ إِنَّهُ لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّباً، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ"؟
وَأَمَّا بَيَانُ الاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ فَبِسُلُوكِ طَرِيقِ الْوَرَعِ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَهُوَ أَلا يَكُونَ فِي الشَّيْءِ الْمُقْتَنَى مَغْمَزٌ؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَ النَّظَرُ فِي الْمَعِيشَةِ أَلا يَغْشُمَهَا الْعَبْدُ، وَلَمَّا عَزَّ تَحْصِيلُ الطَّيِّبِ فِي وَقْتِنَا هَذَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الشُّبْهَةِ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute