للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَانْتهى إِلَى قَوْله وَاسْتحْسن مَا سمع من قِيَاسه فِيهَا وَنَظره رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ فَإِنَّهُم اجتهدوا للْمُسلمين وتفقهوا فِي الْكتاب الْمُبين وتحروا الصدْق فِيمَا نقلوه من وَحي رب الْعَالمين حَتَّى استقامت قناة الْإِسْلَام فعلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى أَصْحَابه وَأَهله أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام

الْحِكْمَة فِي الْوَصِيَّة بالأولاد

ثمَّ إِنِّي نظرت فِيمَا بَينه الله سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه من حَلَال وَحرَام وحدود وَأَحْكَام فَلم نجده افْتتح شَيْئا من ذَلِك بِمَا افْتتح بِهِ آيَة الْفَرَائِض وَلَا ختم شَيْئا من ذَلِك بِمَا خَتمهَا بِهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَولهَا {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} فآخبر تَعَالَى عَن نَفسه أَنه موص تَنْبِيها على حكمته فِيمَا أوصى بِهِ وعَلى عدله وَرَحمته أما حكمته فَإِنَّهُ علم سُبْحَانَهُ مَا تضمنه أمره من الْمصلحَة لِعِبَادِهِ وَمَا كَانَ فِي فعلهم قبل هَذَا الْأَمر من الْفساد حَيْثُ كَانُوا يورثون الْكِبَار وَلَا يورثون الصغار ويورثون الذُّكُور وَلَا يورثون الْإِنَاث وَيَقُولُونَ أنورث أَمْوَالنَا من لَا يركب الْفرس وَلَا يضْرب بِالسَّيْفِ ويسوق الْغنم فَلَو وَكلهمْ الله إِلَى آرائهم وتركهم مَعَ أهوائهم لمالت بهم الأهوء عِنْد الْمَوْت مَعَ بعض الْبَنِينَ دون بعض فَأدى ذَلِك إِلَى التشاجر والتباغض والجور وَقلة النصفة فَانْتزع الْوَصِيَّة مِنْهُم وردهَا على نَفسه دونهم ليرضي بِعِلْمِهِ وَحكمه وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى حِين ختم الْآيَة {وَصِيَّة من الله وَالله عليم حَلِيم}

<<  <   >  >>