وَلِأَن القَوْل يتَنَاوَل أَشْيَاء كَثِيرَة وَالْفِعْل يخْتَص بصورته ومثاله مَا تقدم من حِكْمَة رَسُول الله فِي الثّيّب الزَّانِي الْجلد وَالرَّجم قولا ثمَّ أسقط الْجلد فعلا
وَمَالك رَحمَه الله يخْتَلف فَتَاوِيهِ فَتَارَة يقدم القَوْل وَتارَة يقدم الْفِعْل وَذَلِكَ بِحَسب مَا يطيعه الدَّلِيل المغاير لَهما فَدلَّ على أَن مذْهبه يَقْتَضِي أَنَّهُمَا متعارضان تَعَارضا مستويا فَيجب طلب الدَّلِيل فِي غَيرهمَا وَالصَّحِيح فِي النّظر أَن القَوْل أقوى لِأَنَّهُ احْتِمَال فِيهِ وَالْفِعْل مُحْتَمل فَلَا يتْرك الصَّرِيح للاحتمال بأبهة هَيئته
الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة
إِذا سكت رَسُول الله عَن قَول سَمعه أَو فعل غَايَته كَانَ دَلِيلا على أَنه حق وَلَا خلاف فِيهِ بَين الْعلمَاء وَلَكنهُمْ لم يصرحوا عَن دَلِيله وَلَا كشفوا عَن سَببه وَمِثَال قَول الغيور لرَسُول الله أَرَأَيْت رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله أتقتلونه أم كَيفَ يصنع وَأما السُّكُوت على الْفِعْل فأشده مَا رُوِيَ أَنه كَانَ يفعل فِي حَضْرَة النَّبِي كإمامة معَاذ لِقَوْمِهِ بعد صلَاته مَعَ رَسُول الله وَلَا خلاف فِي صِحَة ذَلِك كُله وَإِنَّمَا ادّعى بعض الْعلمَاء فِي ذَلِك تَخْصِيصًا أَو تَأْوِيلا وَقد بَينا ذَلِك فِي مسَائِل الْخلاف وَالله أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute