للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

سنبينه فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ إِن للمفتي المنتسب إِلَى أحد الْمذَاهب أَربع أَحْوَال أَحدهَا أَن لَا يكون مُقَلدًا لإمامه لَا فِي مذْهبه وَلَا فِي دَلِيله لكنه سلك طَرِيقه فِي الِاجْتِهَاد وَالْفَتْوَى ودعا إِلَى مذْهبه وَقَرَأَ كثيرا مِنْهُ على أَهله فَوَجَدَهُ صَوَابا وَأولى من غَيره وَأَشد مُوَافقَة فِيهِ وَفِي طَرِيقه وَإِلَى هَذَا أَشَرنَا أول الْكتاب حَيْثُ بَينا لأي شَيْء اخْتَار كبار أَصْحَاب أَحْمد مذْهبه على مَذْهَب غَيره

وَيُؤْخَذ هَذَا من كَلَام ابْن الصّلاح أَيْضا فَإِنَّهُ قَالَ ذكر عَن أبي إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ أَنه حكى عَن أَصْحَاب مَالك وَأحمد وَدَاوُد وَأكْثر أَصْحَاب أبي حنيفَة إِنَّهُم صَارُوا إِلَى مَذَاهِب أئمتهم تقليدا لَهُم

قَالَ ابْن الصّلاح وَالصَّحِيح الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مَا ذهب إِلَيْهِ أَصْحَابنَا وَهُوَ أَنهم صَارُوا إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي لَا على جِهَة التَّقْلِيد لَهُ لَكِن لأَنهم وجدوا طَرِيقه فِي الِاجْتِهَاد والفتاوى أَسد الطَّرِيق

قَالَ أَبُو عَمْرو وَدَعوى انْتِفَاء التَّقْلِيد مُطلقًا من كل وَجه لَا يَسْتَقِيم إِلَّا أَن يَكُونُوا قد أحاطوا بعلوم الِاجْتِهَاد الْمُطلق وَذَلِكَ لَا يلائم الْمَعْلُوم من أَحْوَالهم أَو أَحْوَال أَكْثَرهم وَذهب بعض الْأُصُولِيِّينَ من أَصْحَابنَا إِلَى أَنه لم يُوجد بعد عصر الصَّحَابَة مُجْتَهد مُسْتَقل

وَحكى اخْتِلَافا بَين الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة فِي أبي يُوسُف وَمُحَمّد والمزني وَابْن سُرَيج هَل كَانُوا مستقلين أم لَا قَالَ وَلَا تستنكر دَعْوَى ذَلِك فيهم فِي فن من فنون الْفِقْه بِنَاء على جَوَاز تجزي منصب الِاجْتِهَاد وَيبعد جَرَيَان الْخلاف فِي حق هَؤُلَاءِ المتجرين الَّذين عَم نظرهم الْأَبْوَاب كلهَا وفتوى المنتسبين فِي هَذِه الْحَال فِي حكم فَتْوَى الْمُجْتَهد المستقل الْمُطلق يعْمل بهَا ويعتد بهَا فِي الْإِجْمَاع وَالْخلاف

<<  <   >  >>