ثَانِيهَا أَن يكون مُجْتَهدا مُقَيّدا فِي مَذْهَب إِمَامه يسْتَقلّ بتقرير مذْهبه بِالدَّلِيلِ غير أَنه لَا يتَجَاوَز فِي أدلته أصُول إِمَامه وَلَا بُد أَن يكون عَالما بأصول الْفِقْه لكنه قد أخل بِبَعْض الأدوات كالحديث واللغة وَإِذا اسْتدلَّ بِدَلِيل إِمَامه لَا يبْحَث عَن معَارض لَهُ وَلَا يَسْتَوْفِي النّظر فِي شُرُوطه وَقد اتخذ نُصُوص إِمَامه أصولا يستنبط مِنْهَا كَمَا يفعل الْمُجْتَهد المستقل بنصوص الشَّارِع وَالْعَامِل بِفُتْيَا هَذَا مقلد لإمامه
قَالَ وَمثل هَذَا يتَأَدَّى بِهِ فرض الْكِفَايَة فِي الْفَتْوَى وَلَا يتَأَدَّى بِهِ فِي إحْيَاء الْعُلُوم الَّتِي مِنْهَا استمداد الْفَتْوَى لِأَنَّهُ قَائِم مقَام الْمُطلق
ثَالِثهَا أَن لَا يبلغ رُتْبَة أَئِمَّة الْمَذْهَب أَصْحَاب الْوُجُوه والطرق غير أَنه فَقِيه النَّفس حَافظ مَذْهَب إِمَامه عَارِف بأدلته قَائِم بتقريره ونصرته يصور وَيُحَرر ويمهد ويقرر ويزيف ويرجح لكنه قصر عَن دَرَجَة أُولَئِكَ إِمَّا لكَونه لَا يبلغ فِي حفظ الْمَذْهَب مبلغهم وَإِمَّا لكَونه غير متبحر فِي أصُول الْفِقْه وَنَحْوه
غير أَنه لَا يَخْلُو مثله فِي ضمن مَا يحفظه من الْفِقْه ويعرفه من أدلته عَن أَطْرَاف من قَوَاعِد أصُول الْفِقْه وَنَحْوه
وَإِمَّا لكَونه مقصرا فِي غير ذَلِك من الْعُلُوم الَّتِي هِيَ أدوات الِاجْتِهَاد الْحَاصِلَة لأَصْحَاب الِاجْتِهَاد بالوجوه والطرق قَالَ ابْن الصّلاح وَهَذِه هِيَ مرتبَة المصنفين إِلَى أَوَاخِر الْمِائَة الْخَامِسَة وَقد قصروا عَن الْأَوَّلين فِي تمهيد الْمَذْهَب وَأما فِي الْفَتْوَى فبسطوا بسط أُولَئِكَ وقاسوا على الْمَنْقُول والمسطور غير مقصرين على الْقيَاس الْجَلِيّ وإلغاء الْفَارِق
رَابِعهَا أَن يحفظ الْمَذْهَب ويفهمه فِي واضحات الْمسَائِل ومشكلاتها غير أَنه مقصر فِي تَقْرِير أدلته فَهَذَا يعْتَمد نَقله وفتواه فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute