للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ اعْلَم أَن أجل كتب اعْتِقَاد السّلف مَا نَقله الْأَئِمَّة الموثوق بهم وَرَوَاهُ الثِّقَات عَن أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فَإِنَّهُم أَكْثرُوا من القَوْل فِي الِاعْتِقَاد الصَّحِيح وَلم تخطف كلمتهم فِيهِ وَقد بنى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ عقيدته على مَا رَوَاهُ عَن أبي حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت وَأبي يُوسُف يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ وَصرح بِأَنَّهُ نقل عَنْهُم مَا يَعْتَقِدُونَ من أصُول الدّين ويدينون بِهِ رب الْعَالمين وعقيدته هَذِه سلفية مَحْضَة وليت الْحَنَفِيَّة من بعده جعلُوا هَذِه العقيدة أساس معتقدهم وَأكْثر من روى عَنهُ من هَذَا الشَّأْن الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل لِأَن زَمَنه كَانَ زمن القَوْل بِخلق الْقُرْآن وَالْقِيَام بتشييد الْبدع وامتحن على ذَلِك فَأكْثر من القَوْل فِيهِ بِحَيْثُ إِن مَا نقل عَنهُ من الرسائل فِي هَذَا السَّبِيل كَاف لمتبع سَبِيل السّلف وَهَذَا سَبِيل جَمِيع الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين وعلماء الحَدِيث دع عَنْك أُولَئِكَ الَّذين يسمون أنفسهم بالخلف ويستندون فِي مقالاتهم إِلَى دَلَائِل التقطوها من مقالات الفلاسفة فَإِنَّهُم مهما جالوا واستطالوا كَانَ قصارى أَمرهم إِلَى الْحيرَة والموفق مِنْهُم من رَجَعَ آخر أمره إِلَى التَّسْلِيم والتفويض وَقدم مَذْهَب سلف الْأَئِمَّة على من انتحله وَلَا يغرنك انتساب أُولَئِكَ إِلَى الإِمَام أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فَإِنَّهُم عِنْد التَّحْقِيق لم يسلكوا مسلكه وَلم يفهموا مرامه لِأَن هَذَا الإِمَام تصدى أَولا للرَّدّ على الْمُعْتَزلَة بعد أَن كَانَ مِنْهُم وَصَاحب الْبَيْت أدرى بِالَّذِي فِيهِ يكون فسلك فِي الرَّد عَلَيْهِم مَسْلَك فن الجدل وَأخذ يقطع عَلَيْهِم الطَّرِيق بِأَيّ وَجه كَانَ ويزيف مقالاتهم بِأَيّ وَاسِطَة كَانَت كَمَا هُوَ شَأْن فن الجدل الَّذِي قصارى أمره غَلَبَة الْخصم بِأَيّ وَجه وَبِأَيِّ طَريقَة كَانَت وَكَثِيرًا مَا يحْتَاج

<<  <   >  >>