المجادل فِي غَلَبَة خَصمه إِلَى السفسطة بل إِلَى إبراز المستحيل فِي صُورَة الْجَائِز والجائز فِي صُورَة الْوَاجِب ثمَّ إِنَّه فِي آخر أمره ألف كِتَابه الْمُسَمّى بالإبابة فأبان بهَا مَذْهَب أهل الْحق وباح باعتقاده وَلما كَانَت خصومه من الدهاء والفطنة بِدَرَجَة لَا تنكر وَكَانَ لَهُم فِي دولتهم مكانة وَلم يطيقوا مدافعة الإِمَام عَمدُوا من بعده إِلَى كتبه فالتقطوا مِنْهَا مَا قَالَه فِي مقَام المدافعة وَلم تكن من عقيدته مِمَّا يقرب من نحلتهم ودونوا ذَلِك وجعلوه مذهبا مَنْسُوبا إِلَيْهِ ثمَّ أخذُوا يثبتون مَا ادعوا أَنه من معتقده بِمَا ألفوه من أدلتهم ثمَّ أَتَى من بعدهمْ فَدس فِيهِ قَوَاعِد الفلاسفة وقواها بأدلتهم حَتَّى أصبح مَا نسب إِلَيْهِ من جنس مَا يذكر فِي الْعلم الْمُسَمّى عِنْد أُولَئِكَ بالإلهي لَا فرق بَينه وَبَينه ثمَّ جَاءَ من بعدهمْ مِمَّن شَأْنه التَّقْلِيد الْأَعْمَى والتقليد يبعد عَن الْحق ويروج الْبَاطِل فَاعْتقد بِأَن تِلْكَ النتف وَتلك المفتراة هِيَ مَذْهَب الإِمَام الْأَشْعَرِيّ فَأَخذهَا قَضِيَّة مسلمة وتلقى أدلتها بِالْقبُولِ فَمنهمْ من اختصرها وَمِنْهُم من نظمها وَمِنْهُم من شرحها وَلَو أبْصر الْأَشْعَرِيّ مَا نسبوه إِلَيْهِ لتبرأ مِنْهُ ولقال لَهُم أخطأتم المرمى وَمَا الغي مِنْكُم بِبَعِيد ألم تروا كتابي الْإِبَانَة الَّذِي هُوَ آخر مؤلفاتي ألم تعلمُوا مقاصدي فِي مسالكي فِي الرَّد على خصومي وَالْحق يُقَال إِن الْأَشْعَرِيّ أجل من أَن تنْسب تِلْكَ المفتريات إِلَيْهِ وَلَقَد تنبه لذَلِك جمَاعَة من الْعلمَاء فتبعوا مذْهبه الْحق وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السّلف وَلَوْلَا خوف الْملَل لذكرتهم وَاحِدًا بعد وَاحِد وَلَكِن أَقُول أَجلهم إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَمن رأى كَلَامه فِي آخر عمره يعلم يَقِينا أَنه رَجَعَ عَن جَمِيع مَا كَانَ حَيْثُ قَالَ نِهَايَة إقدام الْعُقُول عقال وَمِمَّنْ صرح بذلك السنوسي صَاحب العقيدة الْمَشْهُورَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute