مَا وجد بِنَفسِهِ عديما وَعدم مَا عدم بِنَفسِهِ مَوْجُودا وَفِي ذَلِك وَجْهَان أَحدهمَا كَون الْعَالم بعد أَن لم يكن ووجوده بعد الْعَدَم وَفِي ذَلِك فَسَاد مَذْهَبهم وَوُجُوب القَوْل بِحَدَث الْعَالم بِلَا أصل لَهُ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَالثَّانِي لَو جَازَ أَن يصير الْمُجْتَمع بِذَاتِهِ مُتَفَرقًا والمتفرق بِذَاتِهِ مجتمعا من غير حدث بِهِ لجَاز كَون الْمُجْتَمع مُتَفَرقًا وَقت كَونه مجتمعا إِذْ ذَاته قَائِم وَذَلِكَ مِمَّا لَا صَبر لِلْعَقْلِ عَلَيْهِ مَعَ مَا يَزُول بِهِ معرفَة الأغيار الْبَتَّةَ إِذْ لَا علم عَلَيْهِ أدل من الَّذِي ذكرت وَفِي ذَلِك جَوَاز جعل الشَّرّ خيرا والظلمة نورا والحي مَيتا والمتحرك سَاكِنا والبارد حارا وَنَحْو ذَلِك من الأضداد وَفِي جَوَاز ذَلِك بطلَان القَوْل بقدم التباين والإجتماع إِذْ كَانَا مَعًا وَفِي ذَلِك فَسَاد القَوْل بالدهر وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَنَّهُمَا عِنْد التباين لَا يعدو إِمَّا أَن كَانَا كَذَلِك بالطبع أَو بالإختيار أَو بِأخر يجعلهما كَذَلِك وَكَذَلِكَ الْمُجْتَمع مِنْهُ ثمَّ التباين والإمتزاج لَا يعدوان مَا ذكرنَا فَإِن كَانَا كَذَلِك بالطبع لوَجَبَ أَن يزْدَاد من ذَلِك فِيمَا كَانَ أَصله التباين أَو الإجتماع أَن يزْدَاد مِنْهُ أَلا يرى أَن كل متحرك بالطبع يزْدَاد بحركة وَكَذَا يسْتَحق وَكَذَلِكَ كل جَوْهَر بطبعه يَعْلُو وموضعه فَوق وَمن بطبعه يسفل فمحال لَهما الإجتماع أبدا وَكَذَا هَذَا الْعبْرَة بَين من يَتَحَرَّك من جِهَة الْيَمين مَعَ الَّذِي يَتَحَرَّك إِلَى الْيَسَار وَفِي ذَلِك بطلَان مَا قَالُوا وَإِن كَانَ ذَلِك بالإختيار فَالْقَوْل بِأَن كَانَا على غير مَا عَلَيْهِمَا فَاسد لِأَنَّهُ لَا دَلِيل على تثبت خلاف لما عَلَيْهِ الشَّاهِد أَن يكون الَّذِي اخْتِيَاره التباين يَقع مَعَه اجْتِمَاع أَو الَّذِي اخْتِيَاره الإجتماع يَقع مَعَه تبَاين فَبَطل الإختيار مَعَ فَسَاد قَوْلهم من بَقَاء كل بجوهر الآخر واحتباسه وَتَحْقِيق ذَلِك أَن احتباس الْخَيْر فِي الشَّرّ شَرّ وَلما لَو كَانَ لَهما الإختيار لَكَانَ لَا يَخْلُو كل وَاحِد مِنْهُمَا من الْقُدْرَة على منع الآخر عَن فعله وَاخْتِيَار ذَلِك وَالْعلم بكيفية ذَلِك فَإِن لم يكن بَطل معنى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute