للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ لَا يجوز أَن يحدث بِلَا مُحدث لما لَا يكون الْعَدَم بِهِ والوجود إِلَّا وَاحِدًا وَلما لَا يعرف صُورَة إِلَّا من مُصَور وَلما تغير الْأَوْقَات من شتاء وصيف وَنَحْو ذَلِك ثَبت أَنه كَانَ كَذَلِك فعورض بِمَا لَو كَانَ فِيمَا كَانَ بِنَفسِهِ يمنعهُ عَن ذَلِك كَونه فِي وَقت دون وَقت لم لَا كَانَ كَذَلِك فِيمَا كَانَ بِغَيْرِهِ فَزعم أَنه إِذا كَانَ بِغَيْرِهِ تَدْبِير كَونه لَهُ لمصْلحَة فِي الدّين أَو الدُّنْيَا وَفِيمَا كَانَ لَا بِغَيْرِهِ لَيْسَ كَذَلِك لذَلِك اخْتلف الْأَمْرَانِ وَهَذَا الَّذِي يزْعم يُوجب أَنه لَا يجوز أَن يَجْعَل أول الْخلق غير الممتحن حَتَّى يكون لَهُ فِي الَّذِي ذكرنَا وَإِذا جَازَ غَيره بِلَا مصلحَة لذَلِك الْوَقْت دون غَيره لَا معنى لما قَالَ وَقد بَينا نَحن القَوْل بالخلق وإحالة السُّؤَال عَن لم خلق وَلَيْسَ لنا أَن نزعم أَنه لَا يفعل إِلَّا الْأَصْلَح فَيلْزمهُ حق الْفِعْل حَتَّى يلْحقهُ وصف ذمّ إِن أخر أَو قدم بل الله تَعَالَى إِذْ هُوَ حَكِيم لَا يخرج فعله عَن الْحِكْمَة وَأما اعْتِبَار الْأَصْلَح لغيره إِنَّمَا تَقْدِير الْحق عَلَيْهِ لَا تَقْدِير الْفِعْل بِذَاتِهِ ومحال كَون الْحق لغيره عَلَيْهِ وَلَا غير بل السُّؤَال عَن جملَة الْخلق فَالْقَوْل فِي أَنه يخلق لنفع لَهُم أَو صَلَاح لَهُم لَا معنى لَهُ إِذْ لَيْسَ عَلَيْهِم فِيمَا لَا يخلقهم ضَرَر وَلَا فَسَاد فَيكون الْخلق لما ذكر وَالله أعلم

ثمَّ فِي الْجُمْلَة لَا يَخْلُو خلق من أَن يكون للمتحن بِهِ نفع وعبره من طَرِيق الإستدلال بِهِ والإعتبار سوى الْمَنَافِع الْأُخَر مِمَّا من الله عَلَيْهِم بهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

وأصل صَلَاح العَبْد فِي الدّين إِنَّمَا هُوَ بِفِعْلِهِ وَكَذَلِكَ فَسَاده وَللَّه تَعَالَى بالأسباب الَّتِي بهَا ينَال فعل الصّلاح عَلَيْهِ أعظم المنن وأجزل النعم وَمن فسد فَهُوَ لأغراض عَن الله وإيثاره شَهْوَته على طَاعَته خلى الله بَينه وَبَين مَا اخْتَارَهُ لنَفسِهِ إِذا آثر هَوَاهُ على أمره وشهوته على طَاعَته وَالْفِعْل الَّذِي بَين لَهُ أَنه فعل الْعَدَاوَة على مَا هُوَ الْولَايَة وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

فعورض بِأول خلق خلقه لنَفسِهِ وَلَيْسَ ثمَّة مصلحَة فَزعم أَنه لَيْسَ ثمَّة وَقت ليقال فِيهِ لم لَا خلق قبله وَإِنَّمَا ذَلِك مَتى يكون هُوَ أول وَهُوَ أصلح

<<  <   >  >>