للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ يُقَال لِلْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا بِمَ عَرَفْتُمْ أَنه كَذَلِك فَإِن أدعوا السّمع فِيهِ عورضوا بِالسَّمْعِ الَّذِي ورد مِمَّن فيهم حجج الصدْق فهم أَحَق أَن يصدقُوا وهم الرُّسُل وَإِن ادعوا العيان والحس أكذبهم علمهمْ بِأَنْفسِهِم إِنَّهُم لَا يذكرُونَ قدمهم وَلَا شهدُوا تَدْبِير النُّجُوم والطبائع وَإِن رجعُوا إِلَى الإستدلال بِمَا عاينوا فَلَيْسَ فِي شَيْء مِمَّا عاينوا دَلِيل تَدْبِير النُّجُوم وَلَا قدم الطبائع وتولد الْعَالم من امتزاجها بل لَو قلب على الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا القَوْل كَانَ أقرب إِلَى الْوُجُود وأحق فِي الإستدلال فَأَما أَمر الطبائع فَإِنَّهُ فِي الْوُجُود إِن كَثْرَة الإضطراب والتحرك تولد الْحَرَارَة فِي نفس المضطرب المتحرك وَكَثْرَة السّكُون والقرار تولد الرُّطُوبَة فَتكون الطبائع هِيَ الْحَادِثَة من أَحْوَال الْعَالم دون أَن يكون الْعَالم هُوَ الْمُتَوَلد عَنْهَا وَهَذَا أقرب إِلَى حق الْحَواس ثمَّ يُقَال أَن اضْطِرَاب الْفلك وتحرك النُّجُوم وَتَقَلُّبهَا على أَحْوَال الإجتماع والتفرق يكون بتقلب أَحْوَال الْأَرْضين وَمَا فِيهَا من أَنْوَاع الْأَشْجَار الْبحار والمياه وجوهر التَّفَرُّق الَّتِي يَعْلُو بخارها أَو هِيَ بجوهرها كالنيران والجواهر الْحَقِيقِيَّة وَبهَا يَنْقَلِب أَمر النُّجُوم وَمَا ذكر فَهَذَا أَحَق إِذْ هُوَ أقرب إِلَى الْعين وَأولى أَن يكون دَلِيلا لما غَابَ عَنَّا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

ثمَّ تكلم هَؤُلَاءِ بِمَا تكلم بِهِ أَصْحَاب الطبائع إِن ذَلِك الصَّانِع إِنَّمَا خرج فعله محكما متقنا بِمَا عِنْده من الْعلم وَله من الْقُدْرَة وَلَوْلَا ذَلِك لما احْتمل مَا ذكرت فَإِنَّهُ بِمَا سبق من التَّدْبِير استقام ذَلِك فَمثله أَمر النُّجُوم لَو كَانَ على مَا يَقُول كَانَ يكون ذَلِك كَذَلِك بتدبير عليم حَكِيم أنشأه على ذَلِك وَلَو كَانَ إِلَيْهَا التَّدْبِير لما يحْتَمل أَن تتعب نَفسهَا بالسير والحركات الدائمة وتؤلمها إِذْ كَذَلِك حَال الْأَحْيَاء فِي الشَّاهِد إِن تِلْكَ الْأَحْوَال تتعبهم وتؤلمهم أَو أَن يكون من الْموَات

<<  <   >  >>