فَيكون بتدبير غَيرهَا كَانَ الَّذِي كَانَ على مَا ذكر من قصَّة الديباج على أَنه يعلم أَنه لَو قدر على ذَلِك بِلَا اتعاب نَفسه لاختاره عَلَيْهِ ليعلم أَن كل ذَلِك بتدبير حَكِيم عليم غنى اسْتعْمل جَمِيع مَا ذكر فِيمَا ذكر وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَبعد فَإِنَّهُ لَو جَازَ القَوْل فِي عالمنا إِنَّه بتدبير من ذكر لجَاز مثله فِيمَن ذكر أَنه كَانَ بتدبير من يعلوه كَذَلِك إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ وَفِي ذَلِك بطلَان قَوْلهم فِي تَدْبِير النُّجُوم أَو يرجع إِلَى نِهَايَة وَفِي ذَلِك فَسَاد قَوْلهم فِي رفع النِّهَايَة عَن الْأَشْيَاء وَإِيجَاب القَوْل بِوَاحِد إِلَيْهِ يرجع تَدْبِير جَمِيع مَا ذكر وَهُوَ الْعَالم بعواقب الْأُمُور الْمُقدر فِي كل مَا إِلَيْهِ ينتهى على أَن هَؤُلَاءِ قد أقرُّوا بقَوْلهمْ أَن لَيْسَ لَهُم قَول لأَنهم زَعَمُوا أَن لَا اخْتِيَار لَهُم لكِنهمْ مضطرون فِيمَا يَقُولُونَ وَكَذَلِكَ خصومهم فِيمَا يكذبونهم فَيكون ذَلِك التكاذب والتناقض من هَذَا الْمُدبر وَمن ذَلِك تَدْبيره فَهُوَ الْمُفْسد وَمن ذَلِك قدر قَوْله فَهُوَ لم يقل عِنْد نَفسه وَفِي ذَلِك وَجْهَان أَحدهمَا سُقُوط قَوْله فَيبقى قَول الْمُوَحِّدين وَالثَّانِي إِنْكَاره العيان والإختيار الَّذِي يُعلمهُ كل أحد وكل عَاقل وَمن أنكر العيان الَّذِي يُحِيط بِهِ حسه ثمَّ يدعى غَائِبا لَا يبلغهُ حسه بِالَّذِي أنكر مِمَّا أدْركهُ حسه فَهُوَ بِحَمْد الله مكفى المؤونة حقيق الهجر وَبِاللَّهِ المعونة
وَلَو كَانَت الْأَحْوَال مدفوعة إِلَيْهَا لما ترك أحد الْأكل وَالشرب لخوف وَلما أقدم عَلَيْهَا لشَهْوَة وَلما أصَاب لشَيْء من ذَلِك لَذَّة وكل ذَلِك مَوْجُود فِيمَا عَلَيْهِ الطباع حَتَّى كَانَ فِيمَن عظم من ذَلِك أقل مِنْهُ فِيمَن صغر وَلَو كَانَ بالطبيعة أَو اتِّصَال بالنجوم يجب أَن يكون على كل قلب بِهِ
وَبعد فَإِن خُرُوج الْأَفْعَال الْمُخْتَلفَة وَأَحْوَالهَا محَال وجودهَا من ذِي طبع كالتبريد والتسخين وَالشَّر وَالْخَيْر فَثَبت أَن لَيْسَ أصل شَيْء مِنْهُ بِذِي طبع وَلَكِن بعليم حَكِيم جعل كل شَيْء على ذَلِك بالخلقة والوجود وَلَو كَانَت الْأَفْعَال بِالدفع لم يُمكن الْفَاعِل الإمتناع كالمدفوع فِي قَفاهُ وَالَّذِي يهوى من فَوق بَيت