عدد فِي الْجَسَد ثمَّ فِي كَثْرَة النعم فِي كَثْرَة مَا أنشأ من دَلَائِل التَّوْحِيد والرسالة وَإِن كَانَ بِدُونِ ذَلِك كِفَايَة ثمَّ بِكَثْرَة الْفَوَاكِه والملاذ وَإِن كَانَ الْقَلِيل من ذَلِك كَافِيا
وَبعد لَو كَانَ بِالْعقلِ كِفَايَة فَهُوَ يسده الْحَد فِي ذَلِك والتعاون بأنواع واستشارة أهل النّظر فِيمَا خص الله لَهُم وأزاح عَنْهُم الْإِشْكَال ثمَّ الإجتهاد الوافر لَهُ يبْذل فِيهِ كل مجهود فَكَانَ فِي إرْسَال الرُّسُل تيسير عَلَيْهِم وَتَخْفِيف وَذَلِكَ من عَظِيم المنن فكفران مثله يدل على حمق الرجل وجهله بالمنن حَتَّى عدهَا بلَاء مَعَ مَا للعقول أشغال وللأنفس أهواء يستر الْعُقُول فإرسال الرُّسُل معونه لَهُم وإرشاد وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي جبلت الْعُقُول على حبه مَعَ مَا فِيهِ تذكير وتنبيه وتحذير لوجه التَّقْصِير فَيكون ذَلِك مِمَّا يحث على النّظر وَيَدْعُو إِلَى الْفِكر وإستعمال الْعُقُول وَذَلِكَ مَعْرُوف فِي جَمِيع أُمُور الدُّنْيَا وسياسات الْملك مَعَ مَا جعل الْهوى منازعا لَهُ وَقد جعل للهوى أعوان من الْأَمَانِي والشهوات وشياطين مزينة لَهَا فَكيف يُنكر جعل أعوان للعقول أحقهم بذلك الرُّسُل
وَبعد فَإِن جَمِيع نوازع الْهوى مُشَاهدَة حسية وَجَمِيع أَسبَاب عمل الْحق غَائِبَة إِذْ الْمُذكر هُوَ ذكر الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَالْأَمر بترك الشَّهَوَات والملاذ وَذَلِكَ أَمر عسير على الطَّبْع والهوى فَيحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى الإستعانة بِرُؤْيَة من تذكر رُؤْيَتهمْ الْمعَاد ويخبرون عَن المنقلب بِمَا فِيهِ من الْيُسْر والعسر ليصير ذَلِك بِحَق العيان فيسهل على الطَّبْع سهولة مَا يُوَافق الطَّبْع وَالله الْمُوفق
وَنَوع آخر من الأَصْل فِي ذَلِك وجود الرُّسُل بِمَا مَعَهم من الْأَدِلَّة والبرهان مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute