مَا روى من لعن المرجئة والقدرية إِن المرجئة أرجأت الْأَفْعَال إِلَى الله وَلم تجعلها للْعَبد والقدرية أثبتتها لله على مَا تنْسب الْخلق إِلَى الله تَعَالَى وَلم تجْعَل لله فِيهَا تدبيرا وَالْعدْل هُوَ القَوْل بتحقيق الْأَمريْنِ ليَكُون الله مَوْصُوفا بِمَا وصف بِهِ نَفسه مَحْمُودًا بِهِ كَمَا قَالَ {خَالق كل شَيْء} وَقَالَ {فَهُوَ على كل شَيْء قدير} وليكون عدلا مفصلا كَمَا قَالَ {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} وقا ل {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا} ثمَّ الدَّلِيل على لُزُوم القَوْل بِهَذَا مَعَ مَا فِيمَا بَينا كِفَايَة وجود أَحْوَال فِي أَفعَال العَبْد لَا يبلغهَا أوهامهم وَلَا يقدرها عُقُولهمْ وأحوال فِيهَا يَنْتَهِي إِلَيْهَا قصدهم وتبلغها عُقُولهمْ فَثَبت أَنَّهَا من الْوَجْه الأول لَيست لَهُم وَمن الْوَجْه الثَّانِي لَهُم فَالْأول كتصوير خُرُوج الشَّيْء من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وكأخذ الْفِعْل من قدر الجو وَالْمَكَان وَالْحَد الَّذِي لَو أحب أَن يعود إِلَيْهِ مَا أمكنه بِلَا فِيهِ وَالثَّانِي نَحْو التحرك والسكون بالمنهى والمأمور بِهِ ثَبت أَن فعلهم من الْوَجْه الأول لَيْسَ لَهُم وَمن الثَّانِي لَهُم وَلَو جَازَ تَحْقِيق فعلهم من الْوَجْه الأول على ظُهُور خُرُوجه من قصدهم وجملتهم مُخْتَلفَة مِمَّا ذكر وعجزهم عَن الْعود إِلَى مثله لجَاز كَون الْعَالم على مَا عَلَيْهِ بِمن لَا يقدر وَلَا يعلم وَلَا يعرف مقادير كل شَيْء وَيجوز أَيْضا آيَات على مَا هِيَ عَلَيْهِ بالبشر وَإِن لم يكن بِمِثْلِهَا علم وَلَا عَلَيْهَا قدرَة فَإذْ لَزِمَهُم القَوْل بالصانع وَالرسل بِخُرُوج الَّذِي ذكرت عَن وسع الْخلق فَمثله أَفعَال الْخلق وَلذَلِك قَالَ الله سُبْحَانَهُ {لَيْسَ كمثله شَيْء} وَأوجب أَن تشابه الْخلق من الْوَجْه الَّذِي قلت تماثلا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute