للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَكِن ذَا عندنه إِنَّمَا قبح فِي الشَّاهِد لِأَن ذَلِك يضرّهُ وَيدخل عَلَيْهِ الْأَلَم وَذَلِكَ لَا يحْتَمل أَمر الْغَائِب وَالله الْمُوفق

ثمَّ قَالَ لِأَن لَيْسَ لمن حضر أَن يمْتَحن وَنَحْو ذَلِك فَأنى لَهُ هَذَا بعد تَقْدِير فعل الْغَائِب بِالشَّاهِدِ على تَحْقِيق مَا يجد فِيهِ لِأَنَّهُ يُقَابل بِجَمِيعِ مَا أنكر وَادّعى الْخُرُوج من الْحِكْمَة أَن ذَلِك فِي فعل من ذَلِك وَصفه فَأَما الله سُبْحَانَهُ وحكمته فَهُوَ متعال عَن وقُوف عقل مثله على حَقِيقَة ذَلِك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَقد بَينا تَأْوِيل قَوْله {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} وَبينا قبح قَوْله فِي إِسْقَاط التَّكْلِيف وَقت الْفِعْل وَإِبْطَال الْقُدْرَة عَلَيْهِ فَيصير فِي التَّحْصِيل هُوَ الْمُكَلف على غير الوسع على أَنه يُقَال كَيفَ لَو كَانَ فِي علم الله أَنه لَا يفعل أَو فِي علمه أَنه يُرِيد الْفِعْل فِي الْوَقْت الَّذِي يتلوه وَمن قَوْلكُم إِن من أَرَادَ الْفِعْل فِي الْوَقْت الَّذِي يتلوه إِنَّه يَفْعَله لَا محَالة إِلَّا أَن يمْنَع أَن يَفْعَله أيمنع أَو يفعل ضِدّه فَإِن قَالَ يفعل ضِدّه أبطل قَوْله فِي كَون الْإِرَادَة قبل الْفِعْل وألزم نَفسه الْأَمر مَعَه وَالْقُدْرَة مَعَه وَبَطل قَوْلهم فِي الْإِرَادَة الْمُوجبَة وَإِن قَالَ يمْنَع فقد ألزم من فِي علم الله أَنه لَا يفعل التَّكْلِيف بِقُوَّة تمنع عَن الْفِعْل وَهُوَ فِي التَّحْقِيق تَكْلِيف الْعَاجِز الْمَمْنُوع وَإِن كَانَ بِرَفْع الكلفة أبطل أَن يكون أحد مِمَّن فِي علم الله أَنه لَا يُعْطِيهِ مِمَّا تضمنته المحنة وَلَزِمَه الْأَمر والنهى وَذَلِكَ غَايَة مَا ينتهى إِلَيْهِ القَوْل فِي الْقبْح وعَلى ذَلِك أَمر الْإِرَادَة إِن الله إِذْ يمنعهُ عَن الْفِعْل الَّذِي فِي حكمه أَنه لَا يَفْعَله لَا بُد أَن يمنعهُ كالإرادة وَفِي ذَلِك منع عَن الطَّاعَة إِذْ يمنعهُ عَن الْفِعْل الَّذِي فِي علمه أَنه لَا يَفْعَله لَا بُد أَن يمنعهُ بالإرادة وَفِي ذَلِك منع عَن الطَّاعَة عِنْده وَالْخَيْر ثمَّ يُقَال المروى عَن الَّذِي روى أَنه سل سَيْفه على رَسُول الله فَمَنعه الله بِقَبض يَده أَكَانَ ذَلِك الْمَنْع أصلح لَهُ فِي الدّين وأخير لَهُ أَو الْإِطْلَاق فَإِن قَالَ الْإِطْلَاق فقد أقرّ بِأَن الله قد يفعل بعباده

<<  <   >  >>