إِلَى ذكر التَّكْفِير وَكَذَلِكَ قَوْله {تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا} وَأَصله قَوْله {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات}
وَبعد فَإِن الْآيَة لَا تحْتَمل قَول الْمُعْتَزلَة لما هم يجْعَلُونَ الْمصر على الذَّنب صَاحب الْكَبِيرَة وَمن لَا يصر عَلَيْهِ فَهُوَ تائب عَنهُ نادم عَلَيْهِ وَفِي ذَلِك إِنَّه يغْفر بِالتَّوْبَةِ وكل الذُّنُوب تغْفر بهَا والإثنان جَريا بِالتَّفْرِيقِ من قَوْله {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ} وَقَوله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} فَهُوَ وَالله أعلم أَن الشّرك لَا يغْفر إِلَّا بِالتَّوْبَةِ عَنهُ وَغَيره يجوز أَن يغْفر بالتفضل أَو يكفر بِغَيْرِهِ من الْحَسَنَات ليَصِح القَوْل مَعَ تَحْقِيق الْفَائِدَة لتمييز الْقُرْآن وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ لِلْآيَةِ وُجُوه تمنع الْمُعْتَزلَة والخوارج أَحدهَا أَنه قَالَ {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} وَلَيْسَ فِي ذَلِك بَيَان حكم من لَا يجْتَنب وَالثَّانِي أَن الْكَبَائِر نَوْعَانِ أَحدهمَا كَبَائِر فِي الإعتقاد من أَنْوَاع الْكفْر والتكذيب الَّتِي بهَا اخْتلفت الْكَفَرَة وَأُخْرَى كَبَائِر الْأَفْعَال الَّتِي صَاحبهَا مجتنب عَنْهَا بالإعتقاد فِي أَن يَرَاهَا على مَا جعلهَا الله عَلَيْهِ من عظم الْفِعْل والذنب وَهَذَا اجْتِنَاب وَقد يواقعها بِالْفِعْلِ فَهُوَ الإرتكاب وَلَيْسَ فِي الْآيَة وَجها الإجتناب فَجَائِز أَن تكون أَن يجْتَنب كَبَائِر الإعتقاد وَهِي أَنْوَاع الشّرك يكفر عَنْهُمَا دونهَا لمن يَشَاء بِمَ شَاءَ من غير ذَلِك من الْحَسَنَات أَو بالتفضل كَمَا بَينا فِي إِحْدَى الْآيَتَيْنِ بالتكفير وَفِي الْأُخْرَى بالمغفرة وَلَا قُوَّة لَا بِاللَّه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute