للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقد زعمت الْمُعْتَزلَة الْقَدَرِيَّة وكل من اغْترَّ بشبههم من أهل الْأَهْوَاء المضلة أَن الصّفة لَيست بِمَعْنى أَكثر من الْوَصْف الَّذِي هُوَ قَول الْقَائِل وإخبار الْمخبر عَمَّن أخبر عَنهُ بِأَنَّهُ عَالم قَادر

وتفخموا القَوْل بِأَن الله تَعَالَى كَانَ فِي أزله بِلَا صفة وَلَا اسْم من أَسْمَائِهِ وَصِفَاته الْعليا

قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يكون فِي الْقدَم واصفا لنَفسِهِ لاعتقادهم خلق كَلَامه وَلَا يجوز أَن يكون مَعَه فِي الْقدَم واصف لَهُ مخبر عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ

فَوَجَبَ أَنه لَا صفة لله سُبْحَانَهُ قبل أَن يخلق خلقه وَأَن الْخلق هم الَّذين يجْعَلُونَ لله الْأَسْمَاء وَالصِّفَات لأَنهم هم الْخَالِقُونَ لأقوالهم الَّتِي هِيَ صِفَات الله سُبْحَانَهُ وأسماؤه

وَلِأَنَّهُم أَيْضا يَزْعمُونَ أَن الِاسْم هُوَ التَّسْمِيَة وَهُوَ قَول الْمُسَمّى لله تَعَالَى وَأَن الله سُبْحَانَهُ كَانَ قبل خلق كل من كَلمه وَأمره وَنَهَاهُ بِلَا اسْم وَلَا صفة

فَلَمَّا أوجد الْعباد خلقُوا لَهُ الْأَسْمَاء وَالصِّفَات تَعَالَى عَن ذَلِك

وَهَذَا القَوْل خُرُوج عَمَّا عَلَيْهِ كَافَّة الْأمة قبل خلق الْمُعْتَزلَة ووجودهم

وَمَعَ أَنهم أَيْضا عِنْد تضييق الْكَلَام عَلَيْهِم وتحصيله يرهبون أتباعهم ومخالفيهم من الْإِخْبَار عَن حَقِيقَة قَوْلهم هَذَا وَلَا يطلقون أَن الله تَعَالَى كَانَ قبل خلق عباده بِلَا اسْم وَلَا صفة وَأَن الْعباد هم الَّذين خلقُوا لله تَعَالَى الْأَسْمَاء وَالصِّفَات

وَيَخَافُونَ تخطف النَّاس لَهُم وَبسط أَيْديهم عَلَيْهِم علما مِنْهُم بِأَنَّهُ مُخَالفَة للْإِجْمَاع

<<  <   >  >>