ذَلِك فَلَا تقربوني لَا أوثر فِي أَشْعَاركُم وَأَبْشَاركُمْ وَأَقل أَحْوَال الإِمَام أَن يكون عَاقِلا سليما من عوارض الشَّيْطَان يُقَال لَهُم لَيْسَ على وَجه الأَرْض ذُو عقل يرى أَن أَبَا بكر كَانَ مَجْنُونا ومعترفا فِي هَذَا القَوْل بالصرع وَالْغَلَبَة وَلَو كَانَ على هَذِه الْحَال لما خَفِي أمره على الصَّحَابَة وَلَا تركُوا بأسرهم دفْعَة عَن هَذَا الْأَمر والاحتجاج بِأَنَّهُ مَجْنُون مُحْتَاج إِلَى العلاج دون الْإِمَامَة والمناظرة فِيهَا وَإِقَامَة الْحجَّاج وَهَذَا جهل مِمَّن بلغ إِلَيْهِ كفينا مؤونة كَلَامه وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك أَبُو بكر مخبرا بِأَن الشَّيْطَان يوسوس لَهُ ويلقي إِلَيْهِ كَمَا يوسوس فِي صُدُور جَمِيع الْخلق وَأَنه لَيْسَ بمباين لَهُم فِي هَذَا الْبَاب ليتقوا وَقت غَضَبه ووسوسته
وَهَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (مَا من أحد إِلَّا وَله شَيْطَان) قَالُوا وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله قَالَ وَلَا أَنا إِلَّا أَن الله قد أعانني عَلَيْهِ فَأسلم) أفترى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر فِي هَذَا القَوْل عَن جُنُونه حاشاه من ذَلِك وجنون سَائِر الصَّحَابَة إِن هَذَا لجهل عَظِيم واقتحام طريف
فَإِن قَالُوا فَكيف يكون أَبُو بكر مُسْتَحقّا لهَذَا الْأَمر وَهُوَ يَقُول فِي هَذِه الْخطْبَة وليتكُمْ وَلست بِخَيْرِكُمْ فألا علم بذلك أَن الْأَمر لمن هُوَ خير مِنْهُ وَأَنه ظَالِم فِي استبداده بِهِ قيل لَهُم فِي هَذَا أجوبة كَثِيرَة فأولها أَنه قَالَ ذَلِك محتجا على الْأَنْصَار وعَلى من ظن أَنه يتَأَخَّر عَنهُ لِأَنَّهُ قد وليهم الصَّلَاة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاضر ولعمري إِنَّه لَا يجوز أَن يكون خير قوم فيهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَأَنَّهُ قَالَ كَيفَ لَا أليكم بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد وليتكُمْ مَعَ وجوده وَلست بِخَيْرِكُمْ إِذْ ذَلِك وَمِنْهَا أَنه يُمكن أَن يكون أَرَادَ بقوله وليتكُمْ وَلست بِخَيْرِكُمْ أَنِّي لست بِخَيْرِكُمْ قَبيلَة