وعشيرة وَلِأَن نَبِي هَاشم أَعلَى مِنْهُ فِي ذرْوَة النّسَب لكَي يدلهم بذلك على أَن هَذَا الْأَمر الْعَظِيم لَيْسَ يسْتَحق بعلو النّسَب وَأَنه لَيْسَ بمقصور على بني هَاشم دون غَيرهم من قُرَيْش بِظَاهِر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْأَئِمَّة من قُرَيْش)
وَيُمكن أَن يكون أَرَادَ بقوله وليتكُمْ وَلست بِخَيْرِكُمْ أَي إِنَّه يجوز عَليّ من السَّهْو والغلط ووساوس الصُّدُور وخواطر النُّفُوس مَا يجوز من السَّهْو عَلَيْكُم لكَي يدلهم بذلك على فَسَاد قَول من زعم أَن هَذَا الْأَمر لَا يسْتَحقّهُ إِلَّا الوافر الْمَعْصُوم
وَيُمكن أَن يكون أَرَادَ بقوله وليتكُمْ وَلست بِخَيْرِكُمْ لَوْلَا أَن الله فضلني عَلَيْكُم بِحَق الْولَايَة فَأوجب عَلَيْكُم من طَاعَتي أَن صرت إِمَامًا وَأسْقط عني فرض طاعتكم وَيُمكن أَيْضا أَن يكون قد اعْتقد أَن فِي الْأمة أفضل مِنْهُ إِلَّا أَن الْكَلِمَة عَلَيْهِ أجمع وَالْأمة بنظره أصلح لكَي يدلهم على جَوَاز إِمَامَة الْمَفْضُول عِنْد عَارض يمْنَع من نصب الْفَاضِل وَلِهَذَا مَا قَالَ للْأَنْصَار وَغَيرهم قد رضيت لكم أحد هذَيْن الرجلَيْن فَبَايعُوا أَحدهمَا عمر بن الْخطاب وَأَبا عُبَيْدَة بن الْجراح وَهُوَ يعلم أَن أَبَا عُبَيْدَة دونه وَدون عُثْمَان وَعلي فِي الْفضل غير أَنه قد رأى أَن الْكَلِمَة تَجْتَمِع عَلَيْهِ وتنحسم الْفِتْنَة بنظره وَهَذَا أَيْضا مِمَّا لَا جَوَاب لَهُم عَنهُ
فَإِن قَالُوا كَيفَ يكون أَبُو بكر مُسْتَحقّا لهَذَا الْأَمر وَهُوَ يَقُول أقيلوني أقيلوني
قيل لَهُم لَيْسَ فِي استقالته من تحمل ثقل الْإِمَامَة لفضل دينه وخشيته وورعه مَا يقعده عَن اسْتِحْقَاقهَا وَمَا يَنْبَغِي لفاضل عرضت عَلَيْهِ أَن يظْهر المسارعة إِلَيْهَا وَالسُّرُور بهَا فَإِن ذَلِك ملق لَهُ فِي الظنة ومورط للْقَوْم فِي التُّهْمَة فَمَا قَالَ من ذَلِك إِلَى مَا يَقُوله مثله فِي الْفضل والتقدم وَلَو أقالوه وولوا غَيره لَكَانَ جَائِزا وَقد قَالَ الْقَائِلُونَ بِالنَّصِّ على إِمَامَته إِنَّه إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا القَوْل وَبِقَوْلِهِ وليتكُمْ وَلست بِخَيْرِكُمْ امتحان الْقَوْم ليرى من يقبل هَذَا القَوْل ليعرف بذلك الْمُطِيع من العَاصِي وقابل النَّص عَلَيْهِ من الرَّاد لَهُ فيقومه بِمَا يقوم مثله بِهِ قَالُوا وَهَذَا بِمَنْزِلَة قَول عمر لِحُذَيْفَة لما قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم