للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الصَّحِيح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما واخى بَين سعد بن الرّبيع وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ لَهُ الْأنْصَارِيّ لي كَذَا وَكَذَا من المَال أشاطرك فِيهِ ولي زوجان أنزل لَك عَن إِحْدَاهمَا فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بَارك الله لَك فِي أهلك وَمَالك أَرِنِي طَرِيق السُّوق

وَوجه الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الحَدِيث قَوْله بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزل لَك عَن إِحْدَاهمَا فأقره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هَذَا القَوْل وَلم يُنكره عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يقر على مُنكر وَهُوَ الْمعلم الْأَكْبَر صلوَات الله عَلَيْهِ وتسليمه فَلم يبْق إِلَّا الْإِبَاحَة لَكِن تَركهَا بِمَعْنى الأولى والأحرى فِي كَمَال منصب النُّبُوَّة كَانَ أولى وَأتم

وَأما قَوْله {وعزني فِي الْخطاب} أَي غلبني فَنزلت لَهُ عَنْهَا فَهُوَ غلب الحشمة لَا غلب الْقَهْر لعظم منزلَة السَّائِل فِي قلب المسؤول وَلَا غلب الْحس بالقهر الْمنْهِي عَنهُ فَإِنَّهُ ظلم مَنْهِيّ عَنهُ شرعا تتحاشى عَنهُ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام كَمَا تقدم

فَإِن قيل كَانَ دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَام خَليفَة وَصَاحب سيف وَالْمَطْلُوب مِنْهُ رعية وَمن شَأْن الرّعية هَيْبَة الْمُلُوك والمبادرة لقَضَاء حوائجهم لكَوْنهم قاهرين لَهُم فيقضون حوائجهم باللين خوفًا من العنف وَالْإِكْرَاه وَفِي سُؤال دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَام حمل على المسؤول من هَذَا الْبَاب

قُلْنَا صَحِيح مَا اعترضت بِهِ إِلَّا أَن هَذَا الْحمل على المسؤول لَا يتَصَوَّر إِلَّا فِيمَن عهد مِنْهُ الظُّلم وَالْغَصْب من الْأُمَرَاء وَأما من عهد نه الْعدْل وَالْإِحْسَان كخلفاء الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان فَلَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي حَقهم إِذا منعُوا الْمُبَاحَات وَإِذا لم يتَصَوَّر ذَلِك فِي حَقهم مَعَ عدم الْعِصْمَة فَمَا ظَنك بالمعصومين المنزهين عَن الْخَطَايَا تَنْزِيه الْوُجُوب كَمَا تقدم فَبَطل اعْتِرَاض هَذِه القولة فِي حق دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَام فِي هَذَا الْبَاب

<<  <   >  >>