وَأول مَا يَنْبَغِي أَن نقدم أَن آدم عَلَيْهِ السَّلَام لم يكن عِنْدَمَا أكل من الشَّجَرَة نَبيا والعصمة لَا تشْتَرط للنَّبِي إِلَّا بعد ثُبُوت النُّبُوَّة لَهُ فَمن النَّاس من ذكر الْإِجْمَاع على أَنه لم يكن نَبيا عِنْدَمَا أكل من الشَّجَرَة وَمِنْهُم من اكْتفى بِظَاهِر قَوْله تَعَالَى {ثمَّ اجتباه ربه فَتَابَ عَلَيْهِ} وَهَذَا عطف ب (ثمَّ) الَّتِي تُعْطِي المهلة ثمَّ ذكر الاجتباء وَالْهِدَايَة
والاجتباء هُنَا النُّبُوَّة بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام عِنْدَمَا عدد الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ومناقبهم على التَّفْصِيل قَالَ {وَمِمَّنْ هدينَا واجتبينا} يَعْنِي من النَّبِيين أجمعهم
وَقَالَ فِي قصَّة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام بعد قصَّة الْحُوت {فاجتباه ربه} وَهَذَا وَجه من الْوُجُوه يثبت أكله من الشَّجَرَة قبل نبوته لَا
[فصل]
وَالَّذِي يَنْبَغِي أَن يعول عَلَيْهِ فِي قصَّة آدم عَلَيْهِ السَّلَام أَن نَهْيه عَن الشَّجَرَة كَانَ نهي إرشاد وإعلام على جِهَة الْوَصِيَّة والنصيحة لَا على جِهَة التَّكْلِيف فَإِنَّهُ مَا صَحَّ تَكْلِيفه فِي الْجنَّة وَلَا نبوته فِي كتاب وَلَا سنة والأوامر والنواهي تَنْقَسِم إِلَى مَشْرُوع وَغير مَشْرُوع كالأوامر اللُّغَوِيَّة فَإِن السَّيِّد قد يَقُول لعَبْدِهِ وَالْأَخ لِأَخِيهِ والصاحب لصَاحبه على جِهَة الْإِعْلَام والإرشاد والنصيحة افْعَل كَذَا واترك كَذَا تسلم من كَذَا وتظفر بِكَذَا وَكَذَلِكَ أوَامِر الْأَطِبَّاء للعليل بالحمية والدواء والغذاء إِلَى غير ذَلِك