وَهَذَا دُعَاء مُبَاح مَعَ مَا فِيهِ من الرِّفْق بِالْغَيْر وَطلب السَّلامَة للْبَعْض وَقد عده هُوَ ذَنبا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رأى أَن سُكُوته وَصَبره عَلَيْهِم كَانَ أولى بِهِ حَتَّى ينفذ فيهم حكم رَبهم بِمَا شَاءَ
وَيحْتَمل أَن يعده ذَنبا لكَونه لم يُؤمر بِهِ كَمَا عد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قتل الْكَافِر ذَنبا لكَونه لم يُؤمر بِهِ فَيَقُول قتلت نفسا لم يَأْمُرنِي الله بقتلها
فَهَذَا رَحِمك الله أدل دَلِيل على صِحَة مَا ذَكرْنَاهُ فِي أَن الأكابر يصيرون بعض الْمُبَاحَات ذنوبا من بَاب الأولى والأحرى إِذْ الدُّعَاء على الْكَفَرَة مُبَاح إِجْمَاعًا
[فصل]
ثمَّ إِن لله تَعَالَى أَن يعتب أنبياءه وأصفياءه ويؤدبهم كَمَا تقدم ويطلبهم بالنقير والقطمير من غير أَن يلحقهم فِي ذَلِك نقص من كمالهم وَلَا غض من أقدارهم حَتَّى يتمحصوا للعبودية وَالْقِيَام فِي نطاق الْخدمَة وَالْقعُود على بِسَاط الْقرْبَة
أَلا ترى كَيفَ نهى الله تَعَالَى نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النّظر