هُوَ فِي بَيتهَا عَن نَفسه) الْآيَة
وَأما همه فَأول مَا يَنْبَغِي أَن نقدم أَن الْهم فِي اللِّسَان الْإِرَادَة لَا غير فَإِن سمي الْفِعْل هما فمجاز من بَاب تَسْمِيَة الشَّيْء باسم الشَّيْء إِذا قاربه أَو كَانَ مِنْهُ بِسَبَب فَلَمَّا كَانَت الْأَفْعَال مرتبطة بالإرادة الَّتِي هِيَ الْهم سميت هما فَيُقَال لمن نصب أواني الْخمر وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ شرابها هم وَكَذَلِكَ يُقَال لمن خلا بِامْرَأَة فلاعبها وَذَلِكَ لِأَن الْهم الْحَقِيقِيّ مَحَله الْقلب وَهُوَ غير محسوس فَلَمَّا لم ندركه بالحواس لم نعلمهُ فَإِذا أدركنا أَسبَابه الدَّالَّة عَلَيْهِ بالحواس قُلْنَا هم أَي فعل أفعالا دلّت على همه بهَا فِي بَاطِنه فَثَبت أَن الْهم الْحَقِيقِيّ هُوَ الْإِرَادَة لَا الْفِعْل
جَاءَ فِي الصَّحِيح عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا وَمن هم بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب شَيْئا فَإِن عَملهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة الحَدِيث
فَهَذَا أدل على أَن الْهم غير الْفِعْل قَالَ الشَّاعِر
(هَمَمْت وَلم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عُثْمَان تبْكي حلائله)
فَأخْبر أَنه هم وَلم يفعل وَإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَمَا بَال الجهلة بِاللِّسَانِ المقلدين المجازفين فِي الْحَقَائِق يَقُولُونَ قعد مِنْهَا مقْعد الرجل من الْمَرْأَة وَحل عقد نطاقها وَهُوَ ينظر إِلَى أَبِيه تَارَة والى الْملك أُخْرَى ثمَّ يعود لحل العقد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute