وَأما قَوْله تَعَالَى {أنعم الله عَلَيْهِ} فَفِي هَذَا الْخَبَر معْجزَة للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكرامة لزيد لَكِنَّهَا من أعز الكرامات وَأَشْرَفهَا
فَأَما المعجزة فَهِيَ من بَاب إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالغيوب فَتَقَع كَمَا أخبر عَنْهَا وَذَلِكَ أَن الإنعام هَاهُنَا إِنَّمَا هُوَ فِي أَن وهبه الله تَعَالَى إِيمَانًا لَا يُفَارِقهُ إِلَى الْمَمَات إِذْ لَو كَانَ فِي مَعْلُوم الله تَعَالَى أَن يسلبه إِيَّاه عِنْد الْوَفَاة لم يسمه نعْمَة فَإِن ثَمَرَة الْإِيمَان إِنَّمَا تجتنى فِي الْآخِرَة وإيمان زائل لَا ثَمَرَة لَهُ فِي الْآخِرَة وَلَا يُسمى نعْمَة بل هُوَ نقمة كَإِيمَانِ بلعم بن باعورا وَغَيره من المخذولين المبدلين نَعُوذ بِاللَّه من بغتات سخطه
فَخرج من فحوى ذكر هَذِه النِّعْمَة أَن زيدا يَمُوت مُؤمنا فَكَانَ ذَلِك وَزِيَادَة أَنه مَاتَ أَمِيرا شَهِيدا مقدما بَين الصفين فِي يَوْم مُؤْتَة كَانَ قد قدمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْجَيْش فِي حَدِيث يطول ذكره ثمَّ قتل شَهِيدا فَنزل الْوَحْي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَعدَ الْمِنْبَر