وَأما أَن يكون الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْشَى النَّاس من غير مُرَاعَاة لهَذَا الْقدر وَمَا أشبهه فحاشا وكلا وَكَيف وَقد قَالَ تَعَالَى بعد هَذِه الْآيَة {الَّذين يبلغون رسالات الله ويخشونه وَلَا يَخْشونَ أحدا إِلَّا الله} فقد زكى الله تَعَالَى أنبياؤه بإنهم أفردوه بالخشية فَلَو كَانَ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْشَى النَّاس لأجل النَّاس لتناقض الْخَبَر والتناقض فِي خبر الله وَرَسُوله محَال
وَأما مَا خَافَ أَن يَقُوله النَّاس فيهلكوا فَهُوَ على خَمْسَة أوجه
أَحدهَا مَا جرت بِهِ عادات الجهلة المتكبرين على الموَالِي فَيَقُولُونَ كَيفَ يسوغ لَهُ أَن يعمد إِلَى كَرِيمَة من كرائمه وَأقرب النَّاس إِلَيْهِ نسبا فيزوجها لعَبْدِهِ
وَالثَّانِي وَهُوَ أَشد عَلَيْهِم فِي الْإِنْكَار أَن يَقُولُوا كَيفَ رَضِي أَن يَتَزَوَّجهَا بعد عَبده
الثَّالِث أَن يَقُولُوا إِنَّمَا حمله على ذَلِك حبه لَهَا وشغفه بهَا
الرَّابِع قلَّة المراعاة لأمر الله وَعدم التَّسْلِيم لحكمه إِذْ لَو كَانُوا يذعنون لأحكام الله تَعَالَى ويسلمون لَهُ لم ينكروا شَيْئا مِمَّا فعله نَبِيّهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْخَامِس وَهُوَ أصل لكل رذيلة وَهُوَ مُرَاعَاة التحسين والتقبيح وردهما إِلَى الْعُقُول القاصرة وَمَا جرت بِهِ الْعَادَات وَهُوَ دَاء عضال نغلت بِهِ قُلُوب الجهلة الضَّالّين ففندوا حكم الله تَعَالَى واعترضوا لفعاله فِي خلقه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute