فِيهِ من الجهالات فَفِي تَقْلِيده عدوه الشَّيْطَان وَقبُول قَوْله من غير دَلِيل فِي أَنَّهَا شَجَرَة الْخلد الَّتِي توجب الْملك الدَّائِم والحياة الدائمة وَهَذَا هُوَ القَوْل بالطبع فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَن تفعل الشَّجَرَة ذَلِك باختيارها أَو توجبه بِنَفسِهِ ومحال أَن تفعل باختيارها فَإِنَّهَا جماد وَلَو قدرت حَيا لم يَصح فعلهَا فِي غَيرهَا فَإِن الْقُدْرَة الْحَادِثَة لَا تتَعَلَّق بِمَا خرج عَن محلهَا فَلم يبْق إِلَّا الطَّبْع وَالْقَوْل بِهِ كفر فَمن قَالَ إِنَّه أكلهَا قَاصِدا لما ذَكرْنَاهُ ألزم اعْتِقَاد وُقُوع هَذِه الجهالات كلهَا من آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَهِي لَا تجوز عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تُؤدِّي إِلَى الْكفْر الصراح
وَمَعْلُوم من دين الْأمة أَنه مَا كفر نَبِي قطّ وَلَا جهل الله تَعَالَى وَلَا سجد لوثن وَلَا أخبر تَعَالَى عَن وَاحِد مِنْهُم بالْكفْر وَلَا بِمَا دون الْكفْر من الْمعاصِي قبل النُّبُوَّة وَبعدهَا سوى قصَّة آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَمن قَالَ بسوى هَذَا فَعَلَيهِ الدَّلِيل وَلَا دَلِيل
فَإِن قيل وَلَعَلَّه كَانَ يعْتَقد أَن إِبْلِيس أعلم أَنه من أكل مِنْهَا يخلد فِي الْجنَّة بِإِرَادَة الله تَعَالَى لَا بالطبع والإيجاب
قُلْنَا بَاطِل فَإِن الله تَعَالَى أعلمهُ قبل ذَلِك بنقيض قَول الشَّيْطَان فِي أَن الْأكل مِنْهَا سَبَب الْخُرُوج فَلَو اعْتقد الخلود فِيهَا إِذا أكل من الشَّجَرَة بقول الشَّيْطَان لَكَانَ مُكَذبا للْخَبَر السَّابِق من الله تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي فَرغْنَا من استحالته عَلَيْهِ فَلم يبْق إِلَّا أَنه أكل مِنْهَا نَاسِيا فَإِنَّهُ إِذا لم يَصح الْعمد لم يبْق إِلَّا النسْيَان على أَنا لَو قَدرنَا وُقُوع هَذِه القبائح من أدنى عَاقل مُؤمن من البله منا لم يَصح فَكيف يَصح مِمَّن خلقه الله تَعَالَى بِيَدِهِ وأسجد لَهُ مَلَائكَته وَجعله قبْلَة لَهُم وَعلمه الْأَسْمَاء كلهَا وَجعله معلما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute