للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُرَاجَعَة مَعَ هَذِه الِاحْتِمَالَات ثمَّ {حَال بَينهمَا الموج} فِي الْحِين فَظن نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قد كَانَ يدْخل مَعَه السَّفِينَة لَوْلَا مَا حَال بَينهمَا الموج فَلَمَّا حَال بَينهمَا الموج لم يدر مَا صنع الله بِهِ وَبَقِي مستريبا فِي إيمَانه فَقَالَ بعد ذَلِك {رب إِن ابْني من أَهلِي} يَعْنِي فِي النّسَب وَظَاهر ايمانه {وَإِن وَعدك الْحق} فِي سَلامَة أَهلِي بإيمَانهمْ {وَأَنت أحكم الْحَاكِمين} إِن كَانَ الحكم هُنَا من الْحِكْمَة الَّتِي هِيَ الْعلَّة فَمَعْنَاه أَنْت أعلم الْعَالمين بِحَالهِ ومعتقده وَإِن كَانَ الحكم الْقَهْر بالإرادة وَالْقُدْرَة فَمَعْنَاه أَنْت أقهر القاهرين الَّذِي لَا راد لأمرك وَلَا معقب لحكمك

وَفِي ضمن هَذَا كُله سُؤَاله ربه ورغبته فِي أَن يطلعه على عَاقِبَة أَمر وَلَده كَيفَ كَانَت فأطلعه الله على ذَلِك فَقَالَ {يَا نوح إِنَّه لَيْسَ من أهلك} يَعْنِي فِي الدّين لَا فِي النّسَب {إِنَّه عمل غير صَالح} يَعْنِي أَن عمله غير صَالح لَكِن سَمَّاهُ باسم صفته الْغَالِبَة عَلَيْهِ وَقد قرئَ {إِنَّه عمل غير صَالح} بِفَتْح اللَّام على معنى الْخَبَر عَن عمله فَأعلمهُ الله تَعَالَى بِحَالهِ ومآله ثمَّ أدبه تَعَالَى ووعظه وَعلمه فَقَالَ لَهُ {فَلَا تسألن مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} نَهَاهُ ربه أَن يسْأَله تَحْصِيل علم مَا لم يُكَلف علمه إِذْ لَيْسَ يجب على الْمُكَلف أَن يسْأَل علم مَا لم يُكَلف الْعلم بِهِ

<<  <   >  >>