أَحدهَا ان الثَّلَاث الكذبات الَّتِي عَددهَا على أوجه مُخْتَلفَة فإحداها أَنه لما دَعوه لِلْخُرُوجِ مَعَهم لمهرجانهم فِي سدفة السحر وَفِي باله أَن يكيد أصنامهم بعد خُرُوجهمْ كَمَا أخْبرهُم حِين قَالَ {وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أَن توَلّوا مُدبرين} فَنظر إِلَى النُّجُوم ليقيم عذره عِنْدهم على زعمهم لكَوْنهم يَقُولُونَ بِالْقضَاءِ فِي النُّجُوم {فَقَالَ إِنِّي سقيم} فاعتقدوا أَنه رأى فِي النُّجُوم أَسبَاب الْمَرَض فرضوا عَنهُ بذلك وتركوه
وَهَذَا من النمط الَّذِي قدمْنَاهُ فِي الْكَوَاكِب الثَّلَاثَة أَن أَقْوَاله فِيهَا إِنَّمَا كَانَت على جِهَة الْإِبْهَام عَلَيْهِم والتنبيه لَهُم لَعَلَّهُم يتفطنون فِي ثَانِي حَال
الثَّانِيَة قَوْله بَعْدَمَا صير أصنامهم جذاذا حِين سَأَلُوهُ {من فعل هَذَا بآلهتنا} فَقَالَ {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} وَأَشَارَ إِلَى كَبِير الْأَصْنَام وَهُوَ قد شوه صورته وسمل عَيْنَيْهِ وجدع أَنفه ومقطوع بِهِ أَنه قَالَ ذَلِك ليقيم الْحجَّة عَلَيْهِم فِي نفي الإلهية عَمَّا اعتقدوه من الْكَوَاكِب والأصنام فَصَارَت هَذِه القولة فِي مَعْنَاهَا تشبه تِلْكَ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِي الْكَوَاكِب فَلَمَّا كَانَت الْأَقْوَال مَعَ قَوْله فِي الصَّنَم على وَجه وَاحِد من إِقَامَة الْحجَّة على مَذْهَب الْخصم ومقابلة الْفَاسِد بالفاسد صَارَت كالواحدة فِي الْمَعْنى ثمَّ أضَاف لَهَا القولتين المختلفتين فِي النّظر فِي النُّجُوم وَقَوله فِي أَهله للْملك الْجَبَّار هِيَ أُخْتِي فَصَارَت ثَلَاثًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute