للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام تَارَة وَتظهر أُخْرَى فَمَا كَانَت تتمّ لَهُ الرُّؤْيَة الَّتِي طلب إِذْ قَالَ {رب أَرِنِي}

وَأما كَونهَا أَرْبَعَة وَلم يكن أَكثر وَلَا أقل فَلِأَن يَقع الِاكْتِفَاء بهَا فِي الْجِهَات الْأَرْبَع وَهُوَ الْمَقْصُود أَيْضا بِكَوْن الْجبَال أَرْبَعَة وَذَلِكَ لِأَن الْجِهَات سِتّ فَوق وَتَحْت وَيَمِين وشمال وأمام وَخلف

وَمَعْلُوم أَن أَجزَاء الْحَيَوَانَات الأرضية إِذا تبددت بعد مَوتهَا لَا تصعد إِلَى فَوق وَلَا تغوص إِلَى تَحت وَإِنَّمَا تتبدد فِي الْجِهَات الْأَرْبَع

فَلِذَا كَانَت الطُّيُور أَرْبَعَة وَالْجِبَال أَرْبَعَة وَالله أعلم

وَأما كَون إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام على الْجَبَل الْمُتَوَسّط مِنْهَا فَأشبه شَيْء بِالْملكِ الَّذِي يقف على صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس فيدعو الْحَيَوَانَات فَيَأْتُونَ إِلَيْهِ من الْأَرْبَع جِهَات مُسْرِعين كَمَا تقدم

وَأما مَجِيء النقطة من الدَّم إِلَى النقطة واللحمة إِلَى اللحمة والريشة إِلَى الريشة والعظم إِلَى الْعظم وَهُوَ ينظر إِلَيْهَا فَأشبه شَيْء بمجيء الْأَجْزَاء يَوْم الْبَعْث من الْجِهَات الَّتِي افْتَرَقت فِيهَا حَتَّى تَجْتَمِع كَمَا كَانَت أول مرّة لَا يشذ مِنْهَا شَيْء عَن صَاحبه وَهُوَ كَانَ مَطْلُوبه عِنْدَمَا رأى الدَّابَّة تتبدد أجزاؤها فِي بطُون حيوانات مُخْتَلفَة كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر فاشتاق إِلَى رُؤْيَة كَيْفيَّة الْجمع فَسَأَلَهَا فَأُجِيب فِيهَا

وَأما فَائِدَة حبس الرؤوس عِنْده ومجيء الْأَجْسَام بِأَعْيَانِهَا فلخمسة أوجه

أَحدهَا أَنه لما كَانَت رؤوسها عِنْده وَجَاء كل جَسَد إِلَى رَأسه وَقع لَهُ الْيَقِين أَنَّهَا هِيَ لَا غَيرهَا

الثَّانِي أَن فِي هَذِه الْقِصَّة ردا على من أنكر حشر الأجساد من غلاة الباطنية وَغَيرهم

<<  <   >  >>