للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ وَالله لأقتلن عَلَيْهِ خيارهم وَلَا أرفع عَنْهُم السَّيْف حَتَّى يجِف هَذَا الدَّم

فَقتل عَلَيْهِ من خيارهم سبعين ألفا وَحِينَئِذٍ جف الدَّم

ويعضد هَذَا الْخَبَر مَا جَاءَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (دِيَة النَّبِي إِذا قَتله قومه سَبْعُونَ ألف رجل من خِيَار قومه) فَلَمَّا رأى ذَلِك دانيال عَلَيْهِ السَّلَام خرج فَارًّا بِنَفسِهِ إِلَى بِلَاد مصر فَبَقيَ فِيهَا أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ اشتاق إِلَى موطنه ومسقط رَأسه وقبور أسلافه من الْأَنْبِيَاء والأولياء عَلَيْهِم السَّلَام فَركب حمارا لَهُ وأتى نَحْو بَيت الْمُقَدّس فَلَمَّا كَانَ بمقربة مِنْهُ رأى جنَّة كَانَت لَهُ وَقد بَقِي فِيهَا بعض علائق من شجر الْعِنَب فَأَتَاهَا فَوجدَ فِيهَا عنبا نضجا فاقتطف مِنْهَا وَأكل وملأ سلة كَانَت مَعَه وَركب حِمَاره وَسَار حَتَّى أشرف على مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس فرآها خرابا يبابا لم يبْق فِيهَا رسم وَلَا طلل فتحسر على فقد الخلان وخراب الأوطان كَمَا قيل

(أحب بِلَاد الله مَا بَين منعج ... إِلَيّ وسلمى أَن يصوب سحابها)

(بِلَاد بهَا عق الشَّبَاب تمائمي ... وَأول أَرض مس جلدي ترابها)

فَتحَرك قلبه تحسرا على فقد الخلان وخراب الأوطان فَقَالَ {أَنى يحيي هَذِه الله بعد مَوتهَا} يَعْنِي كَيفَ تعود هَذِه الْبَلدة على مَا كَانَت عَلَيْهِ بعد خرابها فاستبعد أَن تعود على مَا كَانَت عَلَيْهِ من نباتها وشجرها وبساتينها كَمَا يستبعد النَّاس أَن تعود الْبِلَاد كَمَا كَانَت عَلَيْهِ بعد خرابها على مجْرى الْعَادة

<<  <   >  >>