أَي هذر هَذَا وَأي وهم أَلَيْسَ الَّذِي يتفوه بِهِ بَعيدا كل الْبعد عَن سَلامَة الْعقل فَالَّذِينَ يحيلون أَمر الْخلق والإيجاد فِي هَذَا الْكَوْن البديع إِلَى الْأَسْبَاب وَإِلَى الطبيعة يهوون فِي جهل مركب سحيق كَهَذا وَذَلِكَ لِأَن مظَاهر الإبداع وَاضِحَة على آثَار الْأَسْبَاب والطبيعة نَفسهَا فَهِيَ مخلوقة كَسَائِر الْمَخْلُوقَات فَالَّذِي خلقهَا على هَذِه الصُّورَة البديعة هُوَ الَّذِي يخلق آثارها ونتائجها أَيْضا ويظهرها مَعًا فَالَّذِي خلق البذرة هُوَ الَّذِي أنشأ عَلَيْهَا شجرتها وَهُوَ الَّذِي يخرج أثمارها وأزهارها من أكمامها فالخالق وَالْمُدبر وَاحِد أحد
أما الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالتَّوْحِيدِ وَلَا يسلمُونَ أَمر الْخلق والإيجاد إِلَى الْوَاحِد الْأَحَد فقد أَصْبحُوا أَمَام قبُول سلسلة غير متناهية وَغير معقولة بل مستحيلة من الأوهام إِذْ أَن كل جُزْء بحاجة إِلَى جُزْء آخر وَله قوانينه الْخَاصَّة وَهَذَا بدوره بحاجة إِلَى قوانين أُخْرَى لتكملة الْجُزْء الآخر وَهَكَذَا يستمرون فِي سلسلة لَا معنى لَهَا وَلَا نِهَايَة وَهَذَا من أعجب عجائب الْجَهْل وأتعسه