القصيدة التائية
بِنور تجلى وَجهه قدسك دهشتي ... وفيك على أَن لَا خفا بك حيرتي
فيا أقرب الْأَشْيَاء من كل نظرة ... لأبعد شَيْء أَنْت عَن كل رُؤْيَة
ظَهرت فَلَمَّا أَن بهرت تجليا ... بطنت بطونا كَاد يقْضِي بردتي
فأوقعت بَين الْعقل والحس عِنْدَمَا ... خفيت خلافًا لَا يَزُول بصلحة
إِذا مَا ادّعى عقل وجودك مُنْكرا ... على الْحس مَا يَنْفِيه قَالَ لَهُ اثْبتْ
وَذَلِكَ أَن الْحس ينفيك صُورَة ... يَرَاهَا ويرضى الْعقل فِيك بِحجَّة
فَمن هَاهُنَا منشأ الْخلاف ويصعب ... الْوِفَاق بخلف فِي اقْتِضَاء الجبلة
فان قلت لم ابصرك فِي كل صُورَة ... أَرَاهَا أحالت ذَاك عين بصيرتي
وان قلت إِنِّي مبصر لَك انكرت ... مقالي وَلم تشهد بذلك مقلتي
تجليت مني فِي حَتَّى ظَهرت لي ... خفيت خَفَاء دق عَن كل فكرة
على أَنه لم يبْق لي جبل رأى ... تجليك لي إِلَّا ودك بصعقة
وناجيتني فِي السِّرّ مني فَأَصْبَحت ... وَقد طويت عَمَّا سواك طويتي
فَمَا فِي فضل عَنْك يخْطر فِيهِ لي ... سواك فوقتي فِيك غير موقت
وَدِيعَة روح الْقُدس نَفسك ردهَا ... فَمن وَاجِبَات الْعقل رد الْوَدِيعَة
وَمَا ردهَا إِلَّا بتكميلها بِمَا ... يَلِيق بهَا من كسب كل فَضِيلَة
فمهما تجلت من كدورات عَالم الطبيعة شفت جوهرا وتجلت
نَصَحْتُك جهدي ان قبلت فَلَا تكن ... على حكم غش حَامِلا لنصيحة