للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَكِن مَا ينجيك يُنجي هويتي ... كَمَا أَن مَا يُؤْذِيك نفس أذيتي

وَهل أَنا إِلَّا أَنْت ذاتا ووحدة ... وَهل أَنْت إِلَّا نفس عين هويتي

وَلَوْلَا اعْتِبَار الْجِسْم بِالنِّسْبَةِ الَّتِي ... اليه لَهُ مَا صَحَّ عني سيرتي

وَلست بِذِي شكل فَيُوجب كَثْرَة ... لذاتي وَلَا جُزْءا فَتمكن قسمتي

ويوقع مَا بيني وَبَيْنك نِسْبَة ... يظنّ بهَا غَيْرِي لموْضِع شُبْهَة

واني لم اهبط إِلَى الأَرْض يَبْتَغِي ... بذلك وضعي بل هبوطي ورفعتي

وَتَقْرِير هَذَا ان دعيت خَليفَة ... وَمَا كنت ادّعى قبل ذَا بخليفة

وصير ملكي عَالم الْجِسْم محنة ... لغاية تدبيري ومبلغ حكمتي

فان أَنا أَحْسَنت الْولَايَة احسنت ... إِلَى الْعَالم الْعلوِي عودي وعزلتي

وعاينت مَالا عَايَنت مقلة وَلَا ... أحاطت بِهِ أذن وعت حس سمعة

وآثرت لذاتي ونيل مآربي ... وَاتَّبَعت نَفسِي كل شَيْء أحبت

سددت على نَفسِي سَبِيل تخلصي ... إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ نزهتي

وأوقعتها فِي أسر من لَا يرى لَهَا ... مَكَانا وَلَا يحنو عَلَيْهَا بعطفه

فَلَا نَدم يَجْزِي وَلَا حسرة يرى ... بهَا فرج يُرْجَى لكشف لشدَّة

فياويح نفس آثرت طيب زائل ... على طيب بَاقٍ لَا يحد بِمدَّة

يَمُوت الْفَتى بِالْجَهْلِ من قبل مَوته ... وَيحيى بِروح الْعلم من بعد ميتَة

فَمَا مَاتَ حَيّ الْعلم يَوْمًا وَلم يكن ... بحي ممات الْجَهْل مِقْدَار لَحْظَة

وَأنْظر أَحْوَال الرِّجَال وقوفهم ... على برزخ مَا بَين نَار وجنة

فاما إِلَى آلام نفس خبيئة ... وَإِمَّا إِلَى لذات نفس نفيسة

فآلام تِلْكَ التّرْك فِي دَار غربَة ... ولذات هَذَا الْعود من بعد غربَة

وَهل حسرة فِي النَّفس أعظم غُصَّة ... من الْبعد عَن أهل وَدَار وجيرة

كَمَا أَنه لَا شَيْء أعظم لَذَّة ... لذِي غربَة من ملتقى بعد فرقة

كَأَنِّي لم أحجب بهَا وكأنما ... هِيَ احْتَجَبت بِي فازدهى النَّاس عشقتي

وغودرت لَا يثني على حسن فعلي ال ... جميل وَلَا يلوي على حسن طلعتي

<<  <   >  >>