اما حاسة الْبَصَر وَوجه مَنْفَعَتهَا فان الْحَيَوَان المتحرك بالارادة لما كَانَ تحركه إِلَى بعض الْمَوَاضِع كمواقد النيرَان وَعَن بعض الْمَوَاضِع كقلل الْجبَال وشطوط الْبحار رُبمَا يُؤَدِّي الى الاضرار بِهِ اوجبت الْعِنَايَة الإلهية اعطاء الْقُوَّة المبصرة فِي اكثر الْحَيَوَان وَهِي قُوَّة مرتبَة فِي الْعصبَة المجوفة تدْرك صُورَة مَا ينطبع فِي الرُّطُوبَة الجليدية من اشباح الْأَجْسَام ذَوَات اللَّوْن المتأدية فِي الْأَجْسَام الشفافة بِالْفِعْلِ الى سطوح الْأَجْسَام الصقيلة
وَلَا تظن أَنه ينْفَصل من المتلون شَيْء ويصل الى الْعين وَلَا أَن ينْفَصل من الْعين شُعَاع فيمتد الى المتلون لَكِن يحدث صُورَة فِي الصَّقِيل المستعد لقبُول الصُّورَة بِشَرْط الْمُقَابلَة المخصوصية وتوسط الشفاف فَإِذا حصلت الصُّورَة فِي الجليدية أفضت إِلَى الْعصبَة المجوفة الَّتِي فِيهَا روح هُوَ جسم لطيف مثل مَا تقع الصُّورَة على المَاء الراكد فيفضي الى ملتقى الأنبوبتين المتصلتين بالعينين فِي مُقَدّمَة الدِّمَاغ فيدرك الْحس الْمُشْتَرك من الصُّورَتَيْنِ المتحدتين صُورَة وَاحِدَة وَإِلَّا كَانَ يجب أَن يرى شَيْئَيْنِ إِذْ الصُّورَة فِي الجليدية صُورَتَانِ وَلما كَانَت الرُّطُوبَة الجليدية كروية وَالَّذِي يُقَابل من سطح الكرة انما يقابلها بالمركز على خطوط موهومة خَارِجَة من السَّطْح الى المركز فَحَيْثُمَا قربت الْمسَافَة بَين الرَّائِي والمرئي كَانَت الخطوط أَكثر والشكل المخروط مِنْهَا الى المركز أقصر والزاوية أكبر وحيثما بَعدت الْمسَافَة كَانَت الخطوط أقل والشكل المخروط مِنْهَا الى المركز أطول والزاوية اصغر وَذَلِكَ بِسَبَب رُؤْيَة الْبعيد صَغِيرا والقريب على هَيئته