للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هَل قَاتلُوا بعد وَلما مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عظمت النَّازِلَة واضطربوا إضطراب الأرشية فِي الطوى الْبَعِيدَة القعر وطاشت الْعُقُول ووقعوا فِي نُسْخَة الْقِيَامَة وَكَأَنَّهَا قِيَامَة صغرى مَأْخُوذَة من الْقِيَامَة الْكُبْرَى وارتدت الْأَعْرَاب وذلت الحماه

فَقَامَ الصّديق بقلب ثَابت الجأش قد جمع لَهُ الصَّبْر وَالْيَقِين وَأخْبرهمْ بِأَن الله اخْتَار لنَبيه مَا عِنْده وَقَالَ لَهُم من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّد قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت ثمَّ تَلا (وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم وَمن يَنْقَلِب على عَقِبَيْهِ فَلَنْ يضر الله شَيْئا وسيجزي الله الشَّاكِرِينَ) فَكَأَن النَّاس لم يسمعوها

ثمَّ خطبهم فثبتهم وشجعهم وبادر إِلَى تَنْفِيذ جَيش أُسَامَة

وَأخذ فِي قتال الْمُرْتَدين مَعَ إشارتهم عَلَيْهِ بالتربص حَتَّى كَانَ عمر مَعَ فرط شجاعته يَقُول لَهُ يَا خَليفَة رَسُول الله تألف النَّاس

وَهَذَا بَاب وَاسع وَأما الْقَتْل فَلَا ريب أَن غير عَليّ من الصَّحَابَة قتل أَكثر مِنْهُ من الْكفَّار فَإِن من نظر الْمَغَازِي والسيرة وأمعن النّظر عرف ذَلِك فالبراء بن مَالك أَخُو أنس قتل مائَة رجل مبارزة سوى من شرك فِي دَمه

وَأما خَالِد بن الْوَلِيد فَلَا يُحْصى عدد من قَتله وَقد انْكَسَرَ فِي يَده يَوْم مُؤْتَة تِسْعَة أسياف

وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل نَبِي حواريا وحواري الزبير

وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَوت أبي طَلْحَة فِي الْجَيْش خير من فِئَة

وَقَالَ ابْن حزم وجدناهم يحتجون بِأَن عليا كَانَ أَكثر الصَّحَابَة جهادا وقتلا وَالْجهَاد ثَلَاثَة أَقسَام أَعْلَاهَا الدُّعَاء إِلَى الله بِاللِّسَانِ وَثَانِيها الْجِهَاد عِنْد الْيَأْس بِالرَّأْيِ وَالتَّدْبِير الثَّالِث الْجِهَاد بِالْيَدِ

فَوَجَدنَا الْجِهَاد الأول لَا يلْحق فِيهِ أحد بعد

<<  <   >  >>