هَذَا المعتزلي وَأهل مذْهبه يدينون بِخلق الْقُرْآن فَكيف يشنع على من يرى خلق الْأَلْفَاظ بِهِ والألحان وَلكنه لما لم يتجاسر عَليّ إِظْهَار مَا كَانَ يضمره وَيَدْعُو إِلَيْهِ مِنْهُ موّه على أهل الْمغرب بِمَا ظَنّه يكون سَببا لنفورهم عَنهُ فَلم يلتفتوا للاستضلاعهم بِالْعلمِ إِلَى تمويهه ووجهوا قَول الْأَشْعَرِيّ فِي اللَّفْظ على أحسن وجوهه فَإِن قلد الْأَهْوَازِي الْمُعْتَزلَة وَأطلق القَوْل بتكفيره لشدَّة جَهله فَإِن الْأَشْعَرِيّ كَانَ لَا يرى تكفيره وَلَا تَكْفِير أحد من أهل الْقبْلَة لسعة فَضله وَقد تقدّمت عَنهُ فِي ذَلِك حِكَايَة زَاهِر بن أَحْمَدَ وَهِي الْحِكَايَة الَّتِي يَنْبَغِي أَن يُصَار إِلَيْهَا فِي التَّكْفِير ويعمد لِأَنَّهُ القَوْل الْأَخير الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ وَأكْثر الْمُحَقِّقين من أَصْحَابه ذهب إِلَيْهِ
فَأَما الْأَصْحَاب فَإِنَّهُم مَعَ اخْتلَافهمْ فِي بعض الْمسَائِل مجمعون على ترك تَكْفِير بَعضهم بَعْضًا بِخِلَاف من عداهم من سَائِر الطوائف وَجَمِيع الْفرق فَإِنَّهُم حِين اخْتلفت بهم مستشنعات الْأَهْوَاء والطرق كفر بَعضهم بَعْضًا وَرَأى تبريه مِمَّن خَالفه فرضا وَظَهَرت مِنْهُم أَمَارَات المعاداة والتباغض كَمَا عرف من فرق الْمُعْتَزلَة والخوارج وَالرَّوَافِض وَمَا ذَلِك إِلَّا من أَمر الله عزوجل عَلَيْهِم وإحسانه فِي الائتلاف مَعَ وجود الِاخْتِلَاف إِلَيْهِم