وَيَأْخُذُونَ فِي الْمُخْتَلف مِنْهَا بأنواع التَّرْجِيح ويتبعون مِمَّا اخْتلف من الرِّوَايَات رِوَايَة الثِّقَات من الْمُحدثين الْأَثْبَات لَا كالأهوازي الَّذِي إِن جمع فخاطب ليل وَإِن تكلم فَكَلَامه لغثاثته كغثاء سيل حَتَّى لقد احْتج فِي صِفَات الرَّحْمَن بِمَا لَا يحْتَج بِمثلِهِ لضَعْفه فِي حيض النسوان
وَأما قَوْله لم يزل قَول الْأَشْعَرِيّ مَهْجُورًا
فقد جَاءَ فِي قَوْله ظلما وزورا كَيفَ يكون مَهْجُورًا وَأكْثر الْعلمَاء فِي جَمِيع الأقطار عَلَيْهِ وأئمة الْأَمْصَار فِي سَائِر الْأَعْصَار يدعونَ إِلَيْهِ ومنتحلوه هم الَّذين عَلَيْهِم مدَار الْأَحْكَام وإليهم يرجع فِي معرفَة الْحَلَال وَالْحرَام وهم الَّذين يفتون النَّاس فِي صعاب الْمسَائِل ويعتمد عَلَيْهِم الْخلق فِي إِيضَاح المشكلات والنوازل وَهل من الْفُقَهَاء من الحنيفية والمالكية وَالشَّافِعِيَّة إِلَّا مُوَافق لَهُ أَو منتسب إِلَيْهِ أَو رَاض بحميد سَعْيه فِي دين اللَّه أَو مثن بِكَثْرَة الْعلم عَلَيْهِ غير شرذمة يسيرَة تضمر التَّشْبِيه وتعادي كل موحد يعْتَقد التَّنْزِيه وتضاهي أَقْوَال أهل الاعتزال فِي ذمه وتباهي بِإِظْهَار جهلها بقدرة سَعَة علمه
وَقَوله إِن مذ قوي ذَلِك أقل من ثَلَاثِينَ سنة
فلعمري أَنه إِنَّمَا اشتهرت هَذِهِ النِّسْبَة من الْأَزْمِنَة فِي عصر الْقَاضِي أَبِي بكر بن الباقلاني ذِي التصانيف المستحسنة وانتشرت بِبَغْدَادَ وَغَيرهَا من الْبلدَانِ والأمكنة وَقد ذكرت فِيمَا تقدم أَن الإنتساب إِلَى غير الاعتزال كَانَ فاشيا منتشرا وكل من كَانَ متسننًا كَانَ متخفيا مستترا إِلَى أَن قَامَ الْقَاضِي أَبُو بكر بنصرة الْمَذْهَب وانتشر عَنهُ فِي الْمشرق وَالْمغْرب وَكَانَ يظهره فِي دَار السَّلَام الَّتِي هِيَ قبَّة الْإِسْلَام فَلم يظْهر لذاك تَغْيِير من الإِمَام وَلَا نَكِير من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute