للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَليفَة اللَّه وغياث عباد اللَّه طغرلبك أَبِي طَالب مُحَمَّد بن مِيكَائِيل وَقَامَ بإحياء السّنة والمنَاضلة عَن الْملَّة حَتَّى لم يبْق من أَصْنَاف المبتدعة حزبا حزبا إِلَّا سل لاستئصالهم سَيْفا عَضْبًا وأذاقهم ذلا وخسفا وعقب لآثارهم نسفا حرجت صُدُور أهل الْبدع عَن تحمل هَذِهِ النقم وضاق صبرهم عَن مقاساة هَذَا الْأَلَم ومنوا بلعن أنفسهم على رُؤْس الشهاد بألسنتهم وَضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ بانفرادهم بالوقوع فِي مهواة محنتهم فسولت لَهُم أنفسهم أمرا فظنوا أَنهم بِنَوْع تلبيس وَضرب تدلي سيجدون لعسرهم يسرا فسعوا إِلَى عالي مجْلِس السُّلْطَان الْمُعظم بِنَوْع نميمة ونسبوا الْأَشْعَرِيّ إِلَى مَذَاهِب ذميمة وحكوا عَنهُ مقَالات لَا يُوجد فِي كتبه مِنْهَا حرف وَلم ير فِي المقَالات المصنفة للمتكلمين الموافقين والمخالفين من وَقت الْأَوَائِل إِلَى زماننَا هَذَا لشَيْء مِنْهَا حِكَايَة وَلَا وصف بل كل ذَلِك تَصْوِير بتزوير وبهتان بِغَيْر تَقْدِير وَمَا نقموا من الْأَشْعَرِيّ إِلَّا أَنه قَالَ بِإِثْبَات الْقدر لِلَّه خَيره وشره نَفعه وضره وَإِثْبَات صِفَات الْجلَال لِلَّه من قدرته وَعلمه وإراداته وحياته وبقائه وسَمعه وبصره وَكَلَامه وَوَجهه وَيَده وَإِن الْقُرْآن كَلَام اللَّه غير مَخْلُوق وَإنَّهُ تَعَالَى مَوْجُود تجوز رُؤْيَته وَإِن إِرَادَته نَافِذَة فِي مراداته وَمَا لايخفى من مسَائِل الْأُصُول الَّتِي تخَالف طرقه طرق الْمُعْتَزلَة والمجسمة فِيهَا معاشر الْمُسلمين الغياث الغياث سعوا فِي إبِْطَال الدّين وراموا هدم قَوَاعِد الْمُسلمين وهيهات هَيْهَات {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نوره} وَقد وعد اللَّه للحق نَصره وظهوره وللباطل محقه وثبوره

<<  <   >  >>