للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي الضروريات فَمَا بَال عقل السوفسطائية كذب وَمَا الْفرق بَين عقلكم وعقلهم أفتقولون ان ذَلِك مِنْهُم حَمَاقَة وَسُوء مزاج قُلْنَا وَكَذَلِكَ حالكم فِي انكار النظريات وَهُوَ كمن يُنكر الحسابيات من الْعُلُوم فانه لَا يشككنا فِي الْبَرَاهِين الحسابية وان كَانَ البليد لَا يفهم ومنكر النّظر اصلا يجحده وَلَكِن طريقنا مَعَه أَن نورد عَلَيْهِ الْمُقدمَات وَهِي ضَرُورِيَّة فَإِذا أدْركهَا اِدَّرَكَ النتيجة فَكَذَلِك خصمنا إِذا كذبنَا فِي مَسْأَلَة من الْمسَائِل كإنكار ثُبُوت وَاجِب الْوُجُود عرضنَا عَلَيْهِ مُقَدمَات الْقيَاس الدَّالَّة عَلَيْهِ وَقُلْنَا أتماري فِي قَوْلنَا لَا شكّ فِي أصل الْوُجُود اَوْ فِي قَوْلنَا ان كل مَوْجُود إِمَّا جَائِز واما وَاجِب ام فِي قَوْلنَا ان كَانَ وَاجِبا فقد ثَبت وَاجِب الْوُجُود ام فِي قَوْلنَا إِن كَانَ جَائِزا فَكل جَائِز مُسْتَند الى وَاجِب الْوُجُود فِي آخر الْأَمر لَا محَالة وَإِذا لم يُمكنهُ التشكك فِي الْمُقدمَات لم يُمكنهُ التشكك فِي النتيجة وانما يخْتَلف النَّاس فِيهَا لَان الْفطْرَة غير كَافِيَة فِي تَعْرِيف التَّرْتِيب لهَذِهِ الْمُقدمَات بل لَا بُد من تعلمهَا من الافاضل وَذَلِكَ الْفَاضِل لَا بُد ان يكون تعلم أَكْثَرهَا اَوْ إستأثر باستنباط بَعْضهَا وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِي الامر الى معلم مَعْصُوم هُوَ نَبِي موحى ايه من جِهَة الله تَعَالَى هَكَذَا تكون الْعُلُوم كلهَا فان زَعَمُوا أَنكُمْ اعترفتم بِالْحَاجةِ الى الْمعلم وَمن لم يعْتَرف فَهُوَ معاند للمشاهدة فالافتقار اليه معترف بِهِ وَلكنه كالافتقار اليه فِي علم الْحساب فانه لَا يحْتَاج فِيهِ الى مَعْصُوم اذ لَا تَقْلِيد فِيهِ وَلَكِن يحْتَاج الى حاسب يُنَبه على طَرِيق النّظر فَإِذا تننبه الْمعلم سَاوَى الْمعلم فِي الْعلم الضَّرُورِيّ الْمُسْتَفَاد من الْمُقدمَات بَعْضهَا على بعض وَلَا شكّ فِي أَن معلم الْحساب أَيْضا يعلم أَكثر مِمَّا يعلم وان اسْتَقل باستنباط تَرْتِيب الْبَعْض وَكَذَا القَوْل فِي معلم الْمعلم الى ان يَنْتَهِي مبدأ الْعلم الحسابي الى نَبِي من الانبياء مؤيد بِالْوَحْي والمعجزة وَلَكِن بعد إفَاضَة الله علم الْحساب فِيمَا بَين الْخلق اسْتغنى فِي تعلمه عَن معلم مَعْصُوم فَكَذَلِك الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة النظرية وَلَا فرق

<<  <   >  >>