الِاعْتِرَاض الثَّانِي ان يُقَال لَهُم انكرتم من خصومكم تَصْدِيق الْعقل فِي نظره واخترتم تَكْذِيبه فبماذا تعرفُون الْحق وتميزون بَينه وَبَين الْبَاطِل أبضرورة الْعقل وَلَا سَبِيل الى دَعْوَاهَا اَوْ بنظره فتضطرون الى الرُّجُوع الى النّظر فقد صدقتموه إِذا بعد تَكْذِيبه فتناقض كلامكم فان قُلْتُمْ نَحن نَأْخُذهُ من الامام الْمَعْصُوم قُلْنَا وَبِمَ تعرفُون صدقه فان قُلْتُمْ لانه مَعْصُوم قُلْنَا وَبِمَ تعرفُون عصمته فان قُلْتُمْ بضرورة الْعقل لم يخف عَلَيْكُم خزيكم وعرفتم فِي الْبَاطِن من انفسكم خلاف مَا أظهرتم فان عصمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ معجزته لم تعرف بضرورة الْعقل حَتَّى انكر رسَالَته طوائف بل انكر بعثة الرُّسُل جَمِيع البراهمة وانكر الاكثرون من الْمُسلمين عصمَة الانبياء وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى {وَعصى آدم ربه فغوى} إِلَى غير ذَلِك مِمَّا اشْتَمَل الْقُرْآن على حكايته من أَحْوَال الانبياء فاذا لم تعرف عصمَة صَاحب المعجزة ضَرُورَة فَكيف تعرف عصمَة صَاحبكُم ضَرُورَة فان قيل نَحن نعرفه بِالنّظرِ وَلَكِن النّظر تعلم مِنْهُ وَالنَّظَر يَنْقَسِم الى صَحِيح وفاسد وتمييز صَحِيحه على فاسده مُمْتَنع عَن كَافَّة الْخلق الا على الامام الْحق فَهَذَا الْمِيزَان الموضح للفرقان بَين الشبهه والبرهان فقد عرفنَا صِحَة النّظر الَّذِي استفدنا مِنْهُ فاطمأنت نفوسنا اليه بتزكيته وتعليمه قُلْنَا وَالنَّظَر الَّذِي علمكموه هَل افتقرتم فِي فهمه ألى تَأمل ام هُوَ مدرك على البديهة فان ادعيتم البديهة فَمَا أَشد جهلكم إِذْ يرجع حَاصله الى أَن معرفَة عصمته عرفت بالبديهة وَهُوَ كذب صَرِيح وان افتقرتم الى التَّأَمُّل فَذَلِك التَّأَمُّل يعرف بِالْعقلِ ام لَا وَلَا بُد أَن يُقَال إِنَّه بِالْعقلِ فَنَقُول وَالْعقل إِذا قضى عِنْد التَّأَمُّل بقضية فَهُوَ صَادِق ام لَا فان قَالُوا لَا فَلم صدقوه وان قَالُوا نعم هُوَ صَادِق فقد ابطلوا اصل مَذْهَبهم وَهُوَ قَوْلهم ان الْعُقُول لَا سَبِيل الى تصديقها فان قيل