أُخْرَى وزائدة لَا حِيلَة للْعَبد فِيهَا وَهِي مَا تقدم ذكره أَعنِي الْقُوَّة الْوَارِدَة من الله تَعَالَى للتوفيق والخذلان أَو العون على مَا تقدم من الْبَيَان وَذَلِكَ هُوَ خلق الله للْفِعْل فِيمَن ظهر مِنْهُ وبسبب ظُهُوره من الْفَاعِل ينْسب إِلَيْهِ وَسمي كسبا ويرتب عَلَيْهِ الثَّوَاب فِي امْتِثَال المأمورات وَالْعِقَاب فِي ارْتِكَاب الْمَحْظُورَات
قلت وَلَو قيل وبسبب ظُهُوره من الْفَاعِل واختياره لَكَانَ أولى ليخرج عَنهُ غير الْمُخْتَار فَإِذا الِاسْتِطَاعَة استطاعتان إِحْدَاهمَا استطاعة التَّكْلِيف وَهِي مَا ذكرنَا من سَلامَة الْجَوَارِح وارتفاع الْمَوَانِع الحسية وَقد يعبر عَن ذَلِك باجتماع شُرُوط مَعْرُوفَة فِي الْمُكَلف
وَهَذَا القَوْل بَاطِل من جهتي الْعقل وَالنَّقْل أما الْعقل فَلِأَن الْقُدْرَة الجاذبة أَعنِي قدر العَبْد عرض من الْأَعْرَاض وَجُمْلَة الْأَعْرَاض عندنَا غير بَاقِيَة أَعنِي لَا يبْقى الْعرض زمانين
وَالدَّلِيل على اسْتِحَالَة بَقَاء الْأَعْرَاض أَنَّهَا لَو بقيت لاستحال عدمهَا وَتَقْرِير ذَلِك قد تقدم وَيلْزم صُدُور الْمَقْدُور فِي حَال عدم الْقُدْرَة وَهُوَ محَال
وَأما النَّقْل فَقَالَ الله عز وَجل {وسيحلفون بِاللَّه لَو استطعنا لخرجنا مَعكُمْ يهْلكُونَ أنفسهم وَالله يعلم إِنَّهُم لَكَاذِبُونَ} إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَثَبَّطَهُمْ وَقيل اقعدوا مَعَ القاعدين}