الْحق ودعاة من لَيْسَ بموفق واصطلاح من لَيْسَ فِيهِ صَلَاح وَلَا لَاحَ عَلَيْهِ فلاح بل يُبَادر إِلَى النّظر فِيهَا لاحْتِمَال صدقهَا الْمُتَرَتب على التَّصْدِيق بِهِ السَّعَادَة الْكُبْرَى وعَلى التَّكْذِيب بِهِ الشقاوة الْعُظْمَى فَإِذا علم صدقهَا سارع إِلَى التَّصْدِيق بهَا وَالْعلم النافع وَالْعَمَل وَلم يشْتَغل بِعلم المغالطات والتشدق بالجدل كاشتغال الخالين عَن الْخَوْف والوجل الناسين لذكر الله عز وَجل
[تعقيب]
فَهَذَا كَاف فِي دفع مَا ذكرت من الشُّبْهَة الأولى فِي الْوَجْه الأول وشاف فِيمَا طلبت من فتق صميمها وقشر أديمها لمستبصر فِي طَرِيق الْهِدَايَة موفق بتأييد الْعِنَايَة لم تترو عروقه من منهل الْبِدْعَة والغواية
فَإِن تروت من لَك المنهل الوخم فاغسلا يدك من صِحَة شَاربه السقيم ووصوله إِلَى منهل السّنة العذب ذِي النَّعيم وَأنْشد على رُؤُوس الملا متمثلا
(فبدونك يَا مَاء العذيب تعرضت ... مياه رخيمات عَن الْوَصْل صدت)
الشُّبْهَة الثَّانِيَة
أما مَا ذكرت من الشُّبْهَة الثَّانِيَة فِي الْوَجْه الثَّانِي بِقَوْلِك إِنَّمَا يَصح الِاسْتِدْلَال بِكَلَام الله تَعَالَى مهما كَانَ عدلا حكيما لَا يفعل الْقَبِيح وَلَا يُريدهُ فَأَما مَعَ تجويزكم الْقَبِيح عَلَيْهِ وإرادته بِكُل الكائنات من وُجُوه الْفساد من كفر وظلم وسواه فَمَا الثِّقَة بِكَلَامِهِ إِلَى آخِره فَاعْلَم وَمَا أَظُنك تعلم لما خالطك من الوخم فَأعمى وأصم أَنه تَعَالَى لَا ينْسب إِلَيْهِ قبح وَلَا ظلم لَا يتصوران مِنْهُ بِدَلِيل الْعقل وَالنَّقْل