قلت وَهَا أَنا أنبه على معنى هَذَا الْكَلَام بِعِبَارَة وَاضِحَة للأفهام اجْمَعْ فِيهَا بَين تفهيمهم مَا لم يفهموه من الْمَعْنى وَدفع الْإِلْزَام الَّذِي ألزموه لنا
اعْلَم أَن كَلَامه هَذَا رَضِي الله عَنهُ فِي غَايَة الْحسن والمناسبة لما نَحن بصدده من مَسْأَلَة الْمعرفَة اللَّازِم فِيهَا الإفحام للُزُوم الدّور الْمَذْكُور وَذَلِكَ أَنه رَضِي الله عَنهُ مثل الْمُكَلف الْقَائِل للرسول المستدعي النّظر فِي المعجز المتحدى بِهِ الشَّاهِد بِصدق رسَالَته الْمُشْتَملَة على معرفَة الله تَعَالَى وَمَعْرِفَة شَرعه الَّذِي يَدْعُو بِهِ عباده لَا يلْزَمنِي النّظر فِي معجزك حَتَّى أعلم صدقك وَلَا أعلم صدقك حَتَّى أنظر فِي معجزك بِمن قَالَ لَهُ مُنْذر نَاصح مُشفق تحذيرا لَهُ وَرَاءَك أَفْعَى فاحذر مِنْهَا أَن تلدغك أَو سبع ضار فاحذر مِنْهُ أَن يفترسك وَإِن الْتفت وَرَاءَك وَنظرت عرفت صدقي فَقَالَ لَا ألتفت ورائي وَانْظُر مَا لم يثبت صدقك وَلَا يثبت صدقك مَا لم الْتفت وَأنْظر فَهَل قَائِل هَذَا القَوْل إِلَّا أَحمَق حَيْثُ عرض نَفسه للهلاك وعظيم الْخطر بترك نظر لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كلفة وَلَا ضَرَر وَلَو كَانَ لَهُ عقل لبعثه على النّظر فِي ذَلِك وَقَالَ فِي نَفسه يُمكن أَن يكون هَذَا الْمُنْذر صَادِقا فَإِن قبلت نصحه وَنظرت فِيمَا قَالَ وأنذر وحذر واحترزت من الْعَدو الَّذِي ذكر نجوت وَإِن لم أقبل نصحه وتقاعدت عَن الِاحْتِرَاز فَلم أنظر نزل بِي الْهَلَاك من حَيْثُ لَا أشعر وَإِن كَانَ كَاذِبًا فَمَا يضرني النّظر والاحتراز فِي أَمر مُمكن هُوَ عَليّ غَائِب وَلَا يورثني ذَلِك شَيْئا بل زينا إِذْ الِاحْتِرَاز وَالنَّظَر فِي الْأُمُور وَمَا تؤول إِلَيْهِ العواقب من