قَالَ وَهَذَا تَدْلِيس وتلبيس فَإنَّا لَا ننكر ميل الطباع إِلَى اللَّذَّات ونفورها عَن الْأَلَم وَالَّذِي استشهدون من هَذَا الْقَبِيل وَإِنَّمَا كلامنا فِي مَا يحسن من حكم الله تَعَالَى وَفِيمَا يقبح فِيهِ
وَالدَّلِيل على مَا قُلْنَاهُ أَن الْعَادة كَمَا اطردت على زعمهم فِي استقباح الْعُقَلَاء واستحسانهم فَكَذَلِك اسْتمرّ دأب أَرْبَاب الْأَلْبَاب فِي تقبيح تخلية العبيد وَإِلَّا مَا يفخرون بَعضهم بِبَعْض على مرأى من السَّادة ومسمع وهم متمكنون من حجر بَعضهم عَن بعض فَإِذا تركوهم سدى وَالْحَالة هَذِه كَانَ ذَلِك مستقبحا على الطَّرِيقَة الَّتِي مهدوها مَعَ الْقطع بِأَن ذَلِك لَا يقبح فِي حكم الْإِلَه سُبْحَانَهُ
قلت يَعْنِي أَن ذَلِك وَاقع ومشاهد من عبيد الله الفاخرين بَعضهم بِبَعْض مَعَ علمه تَعَالَى بهم وَقدرته على مَنعهم فوقوعه من أظهر الْأَدِلَّة القاطعة على عدم قبحه فِي حكم الْمولى جلّ وَعلا
وَإِن كَانَ قبيحا فِي حكم الْعباد فَلَا يُقَاس الْغَائِب على الشَّاهِد أَعنِي لَا يُقَاس حكم الله على حكم عبيده إِذْ لَا يتَصَوَّر الْقَبِيح فِي حكمه أصلا لَا شرعا وَلَا عقلا