للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِنْهُم شَيخنَا الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله الْكَاهِلِي كَانَ رَحمَه الله فَقِيها سلمت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة فِي عصره بِبَلَدِهِ فِي الْفِقْه على الْإِطْلَاق أجمع أهل وقته على جلالته وبراعته وَأَنه مِمَّن لَا يجارى فِي ذَلِك وَلَا يمارى فَكَانَ المرجوع إِلَيْهِ فِي المعضلات من الْمسَائِل الفقهيات والمعول عَلَيْهِ فِي حل مشكلات الْفُرُوع وَله فِي ذَلِك الباع الأطول إِذْ هُوَ الأوحد الْأَجَل الْأَكْمَل أَخذ الْفِقْه عَن وَالِده الإِمَام عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد الْكَاهِلِي وَعَن خَاله الإِمَام صفي الدّين أَحْمد بن حسن البريهي وَعَن الْفَقِيه رَضِي الدّين الشنيني وَعَن الإِمَام رَضِي الدّين الْخياط ثمَّ سَافر إِلَى مَكَّة المشرفة فَأَقَامَ بهَا وَالْمَدينَة الشَّرِيفَة سنة فَقَرَأَ على الْأَئِمَّة هُنَالك فَمن شُيُوخه هُنَالك الإِمَام المراغي والكازروني وَغَيرهمَا وَقد أثنوا عَلَيْهِ وطمعوا فِي اجتذابه للإقامة مَعَهم هُنَالك فغلب عَلَيْهِ محبَّة الوطن والشوق إِلَى الْأَهْل فَرجع إِلَى بَلَده بعد انتفاعه وتصدى للتدريس وَالْفَتْوَى وانتفع بِهِ الطّلبَة وقصدوه من الْبلدَانِ الشاسعة فَأَقَامَ على التدريس وَالْفَتْوَى مُدَّة طَوِيلَة تزيد على أَرْبَعِينَ سنة وامتحن بِالْقضَاءِ فِي إب فَسَار فِي أهل الْبَلَد سيرة السّلف الصَّالح وسلك طَريقَة الْحق النير الْوَاضِح فَلم يدع الْحق لَهُ صاحبا ثمَّ انْفَصل عَن الْقَضَاء وَكَانَت ولَايَته مُدَّة يسيرَة فَكَانَ كَمَا قَالَ بَعضهم

(تولاها وَلَيْسَ لَهُ عَدو ... وفارقها وَلَيْسَ لَهُ صديق)

فَلم يَزْدَدْ فِي الْقَضَاء إِلَّا شهرة وَكَانَ يحضر مجْلِس تدريسه نَيف وَأَرْبَعُونَ

<<  <   >  >>