للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالْقضَاءِ ببعدان فَكَانَ يَسْتَنِيب فِيهِ وَلَده الْأَكْبَر الْمُسَمّى عمر وَكَانَ موفقا لبيبا أحسن بشرا قَرَأَ على وَالِده وَعَمه وعَلى غَيرهمَا وَحصل كتبا نافعة وَكَانَ يشْتَغل بِشَيْء من التِّجَارَة وَلم يتَزَوَّج ثمَّ سَافر إِلَى مَكَّة المشرفة فَانْكَسَرت الجلبة الَّتِي ركب فِيهَا الْبَحْر فَتوفي غريقا شَهِيدا قبل الْحَج

فَلَمَّا علم وَالِده بِمَوْتِهِ صَبر واحتسب ثمَّ اعتذر القَاضِي صفي الدّين عَن ولَايَة الْقَضَاء فعذر وَقد كَانَت سيرته مرضية فَلَمَّا انْفَصل عَن الْولَايَة زَاد فِي الِاجْتِهَاد بِالْعبَادَة والتلاوة وَكَانَ يعْتَمد على أَحَادِيث الْفَضَائِل فِي الْأَعْمَال فَيصَلي صَلَاة التَّسْبِيح فِي كل جُمُعَة وَقد يُصليهَا بِاللَّيْلِ ويحافظ على صَلَاة الضُّحَى اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة وَيَدْعُو ويبتهل وَتظهر لَهُ عَلامَة الاستجابة من ظُهُور الْعبْرَة

وعَلى الْجُمْلَة فأحوال الْفَقِيه نازعة إِلَى الْعِبَادَة والاشتغال بهَا أَكثر من اشْتِغَاله بالفقه وَقد انْتفع على يَده جمَاعَة من الطّلبَة قل من قَرَأَ عَلَيْهِ إِلَّا انْتفع وَكَانَ يقْرَأ عِنْده أَو يقْرَأ هُوَ صَحِيح الإِمَام البُخَارِيّ فِي كل سنة بِشَهْر رَمَضَان وَتُوفِّي بِشَهْر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثمانمئة سنة شَهِيدا من ألم الطَّاعُون وَدفن بالمشهد فِي الْجَانِب الشَّرْقِي مِمَّا يوالي قبر الإِمَام الشَّيْخ حسام الدّين رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ

ثمَّ يطلع الزائر ذَلِك الْمَكَان إِلَى عِنْد قبر الشَّيْخ الْعِرَاقِيّ وَهُوَ قديم ظهر لأهل الْبَلَد مِنْهُ براهين فَيرى قُبُور جمَاعَة من الْفُضَلَاء مِنْهُم شَيخنَا الإِمَام الْعَلامَة والحبر الصَّالح الزَّاهِد العابر صفي الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحيى البريهي الَّذِي مَا رَأَتْ عين أهل وقته أزهد مِنْهُ فِي يقظة وَلَا مَنَام وَلَا عَايَنت أَكثر اتبَاعا مِنْهُ لشرائع الْإِسْلَام المتلقاة من

<<  <   >  >>